للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الشق الثاني من الموضوع: فهو غلبة الأوس والخزرج على يهود يثرب

وهنا فيما يبدو لي، فإن العامل الاقتصادي قد لعب دورا مهما فيما آلت إليه الأمور فيما بعد، وتقدم لنا المصادر العربية ما يشير إلى أن العرب في المدينة قد قبلوا الحياة القاسية في أول الأمر؛ لأنهم ما كانوا بقادرين على مجابهة اليهود، فلما اشتد ساعدهم وقويت شوكتهم، سرعان ما تطلعوا إلى وضع اقتصادي أفضل عن طريق مشاركة يهود في تملك الأرض الخصبة أو مغالبتهم عليها، وهناك رواية تذهب إلى أن "عمر بن النعمان البياضي الخزرجي" قال لقومه بني بياضه: "إن أباكم أنزلكم منزل سوء، والله لا يمس رأسي ماء حتى أنزلكم منازل قريظة والنضير على عذب الماء وكريم النخل أو قتل رهنهم١"، وهذا القول، وإن كانت المصادر العربية قد أوردته في ذكر "يوم بعاث" بين الأوس والخرزج، ومن حالف الطرفين من يهود، إلا أنه يعطينا فكرة عن اتجاه العلاقات العامة بين السكان في يثرب، وأن العامل الاقتصادي إنما كان هو الموجة لها٢.

على أن "إسرائيل ولفنسون" إنما يحاول أن يربط هذه الأحداث التي كانت تجري في يثرب، سواء أكانت بين اليهود والعرب، أو بين العرب أنفسهم، من


١ ابن الأثير ١/ ٦٧٩، الأغاني ١٥/ ١٥٥-١٥٩، وفاء الوفا ١/ ١٥٣.
٢ أحمد إبراهيم الشريف: المرجع السابق ص٣٢٧-٣٢٨.

<<  <   >  >>