للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثاني عشر: مكة المكرمة.

١- مكة: نشأتها وتطورها.

ليس من شك في أن مكة المكرمة أهم مواضع الحضر في الحجاز على الإطلاق، وأنها ربما ترجع في نشأتها الأولى إلى عهد الخليل وولده إسماعيل، عليهما السلام، وأن سكانها من الإسماعيليين، إلى جانب قبائل عربية، لم يذكر لنا المؤرخون عنها معلومات دقيقة، كالعماليق وجرهم وخزاعة١، وأن الإسماعيليين -أو العدنايين كما يسميهم المؤرخون المسلمون- كانوا يتكلمون اللغة العربية التي لم تصلنا بها نقوش مكتوبة، ربما بسبب عدم وجود خط متميز لهم قبل الإسلام -كخط المسند في الجنوب- وربما لأن طبيعة السكان في الحجاز لم تكن تميل إلى الكتابة٢، وإن وجدت كتابات لغير الإسماعيليين في الحجاز.

ويختلف المؤرخون في اشتقاق كلمة "مكة"، فذهب فريق إلى أنها إنما سميت كذلك، لأنها تمك الجبارين، أي تذهب نخوتهم، وذهب فريق ثان إلى أنها إنما تقع بين جبلين مرتفعين عليها، وهي في هبطة بمنزلة المكوك، وذهب فريق ثالث إلى أن الكلمة مشتقة من "أمتك" من قولهم: أمتك الفصيل ضرع أمه، إذا مصه مصا شديدا، ولما كانت مكة مكانا مقدسا للعبادة فقد أمتكت الناس، أي جذبتهم من


١ الأغاني ١٩/ ٩٤، المعارف ص٣١٣.
٢ النويري ٢/ ٢٧٨، كشف الظنون ١/ ٢٥-٢٦، أصل الخط العربي ص٧، عبد المنعم ماجد: التاريخ السياسي للدولة العربية ١/ ٧٧، وكذا E. Gibbon, Op. Cit., ٥, P.٢٢٠

<<  <   >  >>