للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: الكتابات المسيحية.

وترجع أهمية هذه الكتابات إلى أنها تؤرخ لانتشار المسيحية في بلاد العرب، وللقبائل العربية نفسها، فضلا عن علاقة العرب بالفرس واليونان، كما أنها تربط الأحداث بالمجامع الكنسية وبتاريخ القديسين، ومن ثم فقد حصلنا على تواريخ ثابتة، الأمر الذي افتقدناه إلى حد كبير في المصادر السابقة، على أنه يجب أن نلاحظ أن هذه الكتابات دينية، أكثر منها تاريخية، ومن هنا فقد غلبت عليها الصبغة النصرانية١.

ولعل من أشهر هذه الكتابات مؤلفات "يوسبيوس" "٢٦٤-٣٤٩م" والذي كان واحدًا من آباء الكنيسة البارزين في عصره، وأول مؤرخ كنسي يعتد به، حتى لقب "بأبي التاريخ الكنيسي" وبـ"هيرودوت النصارى"٢، وقد ولد في فلسطين، وربما في قيصرية التي كان أسقفا لها، وقد ساعدته صلاته بالإمبراطور قسطنطين "٣٠٦-٣٣٧م" وبرؤساء الكنيسة وكبار رجال الدولة إلى أن يعرف الكثير من الأسرار، وإلى أن يطلع على المخطوطات والوثائق الثمينة، ومن ثم فقد أفاد منها فائدة كبيرة في مؤلفاته التاريخية٣.

وهناك كذلك "بروكبيوس" "المتوفى عام ٥٦٣م"، والذي يعد المؤرخ الكنسي لعصر جستنيان "٥٢٧-٥٦٥م" المليء بالأحداث ومما يجعل مادته التاريخية موضع ثقة أن بعضها مستقى من المرويات الشفهية، وأغلبها نتيجة معلوماته الشخصية، فقد عين في عام ٢٦٧م سكرتيرًا خاصًا ومستشارًا قانونيًّا للقائد الروماني "بليساريوس" وصحبه في حملاته في آسيا وأفريقية وإيطاليا، كما عين عضوًا في مجلس الشيوخ الروماني وقد تحدث في كتابه "تاريخ الحروب" عن المعارك التي دارت بين


١ جواد علي ١/ ٦١.
٢ جواد علي ١/ ٦١ وكذا W. Smith, A Dictionary Of The Bible, Iii, P.١٠٧.
٣ فيليب حتى: المرجع السابق ص٣٩٧، يوسبيوس القيصري: تاريخ الكنيسة، ترجمة مرقص داود، القاهرة ١٩٦٠.

<<  <   >  >>