للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمكان الإشارة إلى أن حكم الفرس لليمن، إنما كان يكاد يكون مقصورًا على العاصمة "صنعاء" ومجاوراتها، وأن قبائل اليمن إنما كانت تتمتع أبدًا بحريتها١، وأن الحكم فيها إنما ترك لأبناء الملوك من الأسر المالكة القديمة، وللأقيال والأذواء، وهم الذين عرفوا عند الإخباريين بملوك الطوائف٢، وأن القبائل اليمنية أصبحت تعيش كبقية قبائل شبه الجزيرة العربية في صراع فيما بينها، كما أصبح لها أسواق، تشبه أسواق بقية عرب داخل شبه الجزيرة، تأمن فيها على دمائها وأموالها٣.

ومع ذلك فليس هناك من شك في أن الفرس قد كسبوا الكثير من احتلالهم لليمن، فقد أصبحوا يسيطرون سيطرة فعلية على الطريق البحري التجاري إلى الهند عبر البحر الأحمر، كما سيطروا كذلك على الطريق البحري التجاري إلى الهند عبر البحر الأحمر، كما سيطروا كذلك على الطريق البري- طريق الحجاز- ولم يلبث الفرس أن توجوا جهودهم بفتح الشام ومصر، وأدرك هرقل "٦١٠-٦٤١م" أن الفرس قد أصبحوا أصحاب السلطان الفعلي على سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر، وأنهم خنقوا دولة أكسوم الحبشية -حليفة الروم- ولكن هذا الوضع سرعان ما تغير سريعا، إذ تمكن هرقل من استرداد سلطانه على الشام ومصر بعد حملة بحرية واحدة٤.

أما اليمن فكان الأمر فيها مختلفًا إلى حد كبير، ففي السنة السادسة من هجرة مولانا وسيدنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل "باذان" في الإسلام، ومن ثم فقد قضى على اليهودية والنصرانية والوثنية في اليمن، فضلا عن الحكم الأجنبي -حبشيًّا كان أم فارسيًّا٥- في الفترة ما بين عامي ٦٢٨، ٦٣٠م٦، وإن كانت رواية الطبري يفهم، منها أن "باذان" إنما أسلم في عام ٦٢٨م، حيث تذكر أنه أسلم بعد أن جاءته الأخبار من فارس بقتل "كسرى أبرويز" "٥٩٠-٦٢٨م" وتولية "شيرويه" بعده، والذي لم يبق على العرش أكثر من ثمانية شهور٧.


١ عبد المنعم ماجد: المرجع السابق ص٧٧، وكذا
E. Gibbon, The Decline And Fall Of The Roman Empire, ٥, ١٩٥٠, P.٢١٦
٢ ابن قتيبة: المعارف ص٢٧٨.
٣ عبد المنعم ماجد: المرجع السابق ص٧٧.
٤ عبد العزيز سالم: المرجع السابق ص٢١٤-٢١٥، إبراهيم أحمد العدوي: قوات البحرية العربية في مياه البحر المتوسط - القاهرة ١٩٦٣ - ص١١.
٥ تاريخ الطبري ٢/ ٦٥٦-٦٥٧، ابن الأثير ٢/ ٢١٣-٢١٥، ابن هشام ١/ ٧٦-٧٧.
٦ جواد علي ٣/ ٥٢٨، وكذا W. Phillips, Op. Cit., P.٢٢٣
٧ جواد علي ٣/ ٥٢٨، وكذا Ei, ٤, P.١٧٨.، وانظر: تاريخ الطبري ١/ ٦٥٦-٦٥٧، ابن الأثير ١/ ٤٩٢-٤٩٧، ٢/ ٢١٤-٢١٥.

<<  <   >  >>