للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوس وخزرج، بالسياسة الدولية وقت ذاك، وبين الصراع الديني بين اليهودية والمسيحية، ويجعل من نكسة اليهود في حمير، سببًا في نكستهم في يثرب، وأن الدولة البيزنطية إنما كانت من وراء ذلك كله، فقضت على اليهودية في اليمن بعد حملة أبرهة المعروفة، والتي أدت إلى جعل اليمن مستعمرة حبشية، ثم دفعت بالغساسنة إلى التدخل في شئون يثرب، وتعضيد الأوس والخزرج ومناصرتهم ضد يهود١.

وربما كان "ولفنسون" متأثرًا في هذا، بما ذهب إليه من قبل "جريتز" حين رأى أن الأوس والخزرج لم يصارحوا اليهود بالعداوة والمعصية إلا بعد النكبة التي حلت بيهود في اليمن، لأنه من غير المقبول -فيما يرى- أن يضطهد اليهود في الحجاز، في الوقت الذي كان فيه ملوك متهودون يسيطرون على اليمن ويتعصبون لدينهم، ويناهضون كل من يناهضهم أو يعتدي عليهم٢، أضف إلى ذلك أن مؤرخي العرب -كما أشرنا من قبل- يرون أن شمال الحجاز، إنما كان في شبه تبعية للحميريين، حتى أنهم كانوا لهم بمثابة الخلفاء الراشدين للمسلمين٣، ويضيف "كوسان ده برسيفال" أن واحدًا من الأسرة المالكة في اليمن كان يشرف على شئون الطوائف المختلفة في شمال الحجاز٤.

ويخرج "ولفنسون" من ذلك كله بأن البطون العربية بقيت في يثرب عصورا طويلة على موالاة اليهود ومناصرتهم، دون أن يظهر عليهم شيء يدل على أنهم يتربصون لهم الغوائل، إلى أن أخذت دولة غسان تنصب لليهود المكايد وتحرض عليهم زعماء الأوس والخزرج ليفتكوا بهم، وأن غسان إنما فعلت ذلك بإيعاز من الروم، الذين أرسلوا أسطولهم لمساعدة الحبشة في الاستيلاء على اليمن، والذين كانت لهم سياسة واضحة في شبه الجزيرة العربية أثناء القرنين الخامس والسادس بعد الميلاد٥.


١ إسرائيل ولفنسون: المرجع السابق ص٥٩-٦١.
٢ إسرائيل ولفنسون: المرجع السابق ص٦١، وكذا.
Graetz, History Of The Jews, Iii, P.٩١, ٤١٠
٣ ابن الأثير ١/ ٥١١-٥١٢.
٤ Caussin De Perceval, Essai Sur L'histoire Des Arabes Avant L'islamisme, ٢, P.٦٥٤
٥ إسرائيل ولفنسون: المرجع السابق ص٦١.

<<  <   >  >>