للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهم جيرانهم السومريون في الشرق اسم "مارتو"، كما أطلق عليهم الأكديون اسم "أمورو" ويعني "الغرب" وهو الاسم الذي عرفوا به في التاريخ، بل إن البابليين توسعوا في استعمال كلمة "أمورو" فأطلقوها على كل سورية القديمة، كما سموا البحر الأبيض المتوسط "بحر أمورو العظيم"، وأما عاصمتهم فقد كانت "ماري" وهي كلمة سومرية من جهة الاشتقاق، شبيهة باسم البلاد "مارتو" و"أمورو" أي بلاد الغرب١، ناهيك بما نستعمله الآن -سياسيًّا وعلميًّا- من اصطلاحات "الشرق الأدنى" و"الشرق الأوسط" و"الشرق الأقصى"، وكلها اصطلاحات أوربية، تدل على موقع تلك المناطق من أوربا.

وهناك من يرى أن كلمة "عربي" ترتبط بكلمة "عبري" ارتباطًا لغويًّا متينًا لأنهما مشتقان من أصل واحد، ويدلان على معنى واحد، فهما مشتقان من الفعل الثلاثي "عبر" بمعنى قطع مرحلة من الطريق، أو عبر الوادي أو النهر من عِبْرِهِ إلى عِبْرِهِ، أو عبر السبيل شقها، ذلك لأن العرب والعبريين كانوا في الأصل من الأمم البدوية الصحراوية التي لا تستقر في مكان، بل ترحل من بقعة إلى أخرى بإبلها وماشيتها بحثًا عن الماء والكلأ، ومن هنا فإن كلمة عربي وعبري مثل كلمة بدوي، أي ساكن الصحراء أو البادية٢، وقريب من هذا ما يراه "نولدكه" من أن كلمة عربي معناها صحراء٣.

وإذا ما تتبعنا تاريخ لفظة "العرب" ومدلولها في اللغات السامية القديمة، لوجدنا أنه على الرغم من وجود علاقات قديمة بين سكان "ميزوبوتاميا" والمناطق الشرقية في شبه الجزيرة العربية٤، فإن أقدم نص وجدت فيه هذه اللفظة- فيما نعلم- يرجع تاريخُهُ إلى عهد الملك الآشوري "شلمنصر الثالث" "٨٥٩-٨٢٤ق. م"،


١ راجع كتابنا إسرائيل ص٣٢٢ "القاهرة ١٩٧٣".
٢ إسرائيل ولفنسون: تاريخ اللغات السامية، القاهرة ١٩٢٩ ص٧٧-٧٨.
٣ محمد مبروك نافع: عصر ما قبل الإسلام ص١٢.
٤ انظر عن هذه العلاقات: مقالنا "العرب وعلاقاتهم الدولية في العصور القديمة "مجلة كلية اللغة العربية"، العدد السادس، الرياض ١٩٧٦ ص٢٨٧-٤٣٧، عبد الله حسن مصري: مجلة الدارة، العدد الأول، السنة الثانية، ١٩٧٦ ص٦٦-٧٥.
وكذا A.H. Masry, Prehistory In Northeastern Arabia, Miami, Florida, ١٩٧٤, P.١f

<<  <   >  >>