للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعدنانيين بالأصل، فكيف تحالفت "جديلة" -وهي من طيء- مع "بني شيبان- وهم من بني عدنان- لمحاربة "عبس" العدنانية، وكيف نفسر تحالف قبائل يمنية مع قبائل عدنانية، لمحاربة قبائل يمنية، أو لعقد محالفات دفاعية هجومية معها١.

وهكذا يمكننا أن نفسر نظرية الطبقات هذه، بأن الظروف السياسية لعبت دورها في تكوينها، وإن شاء أصحابها الرجعة بها إلى الماضي البعيد، ووضع تأريخ قديم لها، ذلك أن بني أمية، حين وضعت الأقدار أمور المسلمين بأيديهم، إنما عملوا على إحياء العصبية الأولى بين القبائل وضرب الواحدة منها بالأخرى رغبة منهم في السيطرة على القبائل جميعًا، وشغلها عما يقترفه الواحد منهم أو الآخر من أخطاء، وقد تسبب هذا الوضع -في أغلب الأحايين- في الإساءة إلى القبائل الجنوبية إلى حد كبير، وسرعان ما انتهزت هذه القبائل فرصة قيام دولة بني العباس -التي اعتمدت عليهم إلى حد كبير- فعملت على استعادة ما فقدته على أيام الأمويين، وبدأ الإخباريون -ومعظمهم من قبائل الجنوب- يكتبون عن الأنساب، وعن التاريخ العربي القديم، وكان موضع الخطر في هذا، أنهم بدءوا يكتبون وهم في البصرة والكوفة، ومن ثم فلم يجدوا من المصادر التي يعتمودون عليها، إلا ما كان قريبًا منهم، وكانت التوراة -وما يدور في فلكها من تصانيف- قد امتلأت بها مكتبات العراق، ومن ثم فقد نقلوا عنها ما كتبته عن قحطان وإسماعيل وهاجر وسبأ وبعض قبائل الجنوب، زاد الطين بلة، أن العصبية لدى اليمنيين قد لعبت دورًا خطيرًا في الأنساب، ومن ثم فقد نسبوا معظم القبائل البائدة إلى جنوب شبه الجزيرة العربية، كما أنهم لم يكتفوا بنسب أنفسهم، وإنما كانوا ينسبون غيرهم إليهم كذلك٢، بل إن الأمر قد وصل إلى أن تتخذ لفظة "الأنصار"- والتي أطلقت


١ جواد علي ١/ ٤٧٧ وما بعدها، عبد العزيز سالم: المرجع السابق ص٨٦.
٢ عبد الرحمن الأنصاري: المرجع السابق ص٩٣، جواد علي ١/ ٤٨٢-٤٩٥، وانظر: ديوان الفررذق ص٨، ٥٩، ٦٨، ٨٦ "طبعة بوشيه"، ديوان حسان بن ثابت ص٤٠، ٧٠، ٧٣، ٨٩، الإكليل ١/ ٩٦٥، ١٠٦، ١١٦، ١١٨، الأغاني ٢/ ١٤٨، ١٥١٥.
وكذا J. Halevy, Ja, Ii, ١٨٨٢., P.٤٩٠ وكذا Ei, Ii, P.٦٥٥
وكذا J. Wellhausen, Op. Cit., P.٤٠
وكذا R.A. Nicholson, A Literary History Of The Arabs, Cambridge, ١٩٦٢, P.Xx
وكذا L. Della Vida, Pre-Islamic Arabia, Princeton, ١٩٤٤, P.٦

<<  <   >  >>