للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه هي القصة التي تدور حول الحيين العربيين طسم وجديس -وهي فيما نظن- لا تعدو أن تكون واحدة من القصص الشعبي، ومن الغريب أن القصة تكاد أن تكرر نفسها بين العرب واليهود في المدينة١، فضلا عن شبه قريب بينها وبين قصص أخرى يرويها الأخباريون عن ملوك اليمن، وعن ولعهم بالنساء، وفعل المنكر فيهن، ومنها واحدة تتصل بملكة سبأ "بلقيس٢ صاحبة سليمان عليه السلام" وأخرى عن "عتودة" مولى أبرهة الحبشي٣.

أضف إلى ذلك أن القصة تصور القوم وكأنهم لا يثورون على هذا الوضع الدنيء، إلا بعد أن ظهرت "عفيرة" ودمها يسيل، وقد شقت ثوبها من قدام ومن خلف، فيغضب أخوها -كما غضب أخو فضلاء في يثرب- ويقبل "عملوق" ملك طسم، هذا إلى جانب أن القصة تصور المرأة -وليس الرجل- هي التي تأنف من العار وتأبى الذل، وتحرض الرجال على الانتقام للعرض المستباح، ومن ثم فإننا نرى "عفيرة" تقول:

لا أحد أذل من جديس ... أهكذا يفعل بالعروس

يرضى بذا يا يقوم بعل حر ... أهدى وقد أعطى وثيق المهر

ولو أننا كنا رجالا وكنتم ... نساء لكنا لا نقر بذا الفعل

فموتوا كرامًا وأميتوا عدوكم ... ودبوا لنا الحرب بالحطب الجزل

وإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه ... فكونوا نساء لا تعاب من الكحل

ودونكم طيب النساء فإنما ... خلقتم لأثواب العروس وللنسل٤


١ وفاء الوفا ١/ ١١٥-١٢٦-١٢٩، ابن الأثير ١/ ٦٥٦-٦٥٨، الاشتقاق ١/ ٢٩، ٢٧٠، ياقوت ٢/ ٢٤٢، ٥/ ٨٤-٨٧، أبو الفداء ١/ ١٢٣، المقدسي ١/ ١٧٩-١٨٠، ابن خلدون ٢/ ٢٨٧٠٢٨٩، الأغاني ٢٩/ ٩٦-٧-، إسرائيل ولفنسون: تاريخ اليهود في بلاد العرب ص٥٦.
٢ ابن الأثير ١/ ٢٣٢-٢٣٣، تاريخ الخميس ص٢٧٦.
٣ تاريخ الطبري ٢/ ١٢٨-١٢٩، ابن الأثير ١/ ٤٢٣-٤٢٣.
٤ ابن الأثير ١/ ٢٣٣.

<<  <   >  >>