للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الدفاع عن أنفسهم، إذا ما هاجمتهم قوات غازية، ومنها "ثانيًا" أن الطرق الجبلية وإن كانت صعبة فهي أقصر من طرق السهول، ثم إن الدفاع عنها، لا شك أسهل من الأخرى، فهي إذًا أكثر أمنًا، كما أنها في أرضين تابعة له١.

ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هناك وثيقة على جانب كبير من الأهمية ترجع إلى عهد هذا الملك "يدع أب ذبيان" لأنها تتصل بأصول التشريع وكيفية إصدار القوانين عند العرب الجنوبيين في العصور القديمة، فمنها نعرف أن الملك وحده هو الذي يملك حق إصدار القوانين ونشرها، ثم الأمر بتنفيذها، وأن مجلس الشعب "ويدعونه المزود" -ويتكون من رؤساء المدن والقبائل والشعاب -هو الذي يقترح القوانين ويضع مسودات اللوائح، ثم يعرضها على الملك لإقرارها والأمر بتنفيذها٢.

ولعلنا نستطيع أن نستنتج من ذلك كله، أن قتبان قد عرفت نظامًا يتكون من مجالس تمثل الشعب تمثيلا نيابيًّا، فقد كان يوجد مجلس قبلي، إلى جانب العرش، كما كانت هذه المجالس تمثل القبائل المختلفة في الهيئات التشريعية المتعددة، كما كانت إدارة البلاد بيدها، وربما كان المجلس يعقد جلساته مرتين في العام، وفي عاصمة الدولة، وبدعوة من الملك، ثم تصدر القوانين بعد ذلك باسم الملك، ويبدو أن هذه المجالس كانت تجتمع عندما يظهر في الجو أسباب سياسية تتصل بسياسة البلاد الخارجية، أو عند الرغبة في إدخال تغيير شامل على النظام الاقتصادي للدولة.

هذا وهناك نوع آخر من المجالس، هو المجلس الاستشاري، ويتكون من الملك ومن الأشراف أصحاب الأملاك "مسود أو مزود"، ومن طائفتين أخريين لا يمكن تحديدهما بالضبط، وقد يمثلان أصحاب الأملاك أو الموظفين، ولهذا المجلس الاستشاري حق إصدار القوانين باسم الملك، فضلا عن العمل بالقوانين القديمة، وتنظيم استخدامها، كما كان من حقه أن يحل مجلس القبائل، وأن يصدر أوامر العفو -كليًّا أو جزئيًّا- عن المحكوم عليهم.

ولعل هذا كله يدل على أن الملك والمجلس الاستشاري ومجلس القبائل، تكون جميعها الحكومة، وأنه ليست هناك هيئة خاصة بالتشريع، وأخرى للإدارة،


١ H. Von Wissmann And M. Hofner, Op. Cit., P.٤٣-٤٤
٢ جواد علي ٢/ ١٩٢-١٩٣، وكذا H. Von Wissmann And M. Hofner, Op. Cit., P.٣٧

<<  <   >  >>