للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلاقات بين سبأ وحمير كان يسودها طابع العداء في أغلب الأحايين، وكثيرا ما أشارت الكتابات السبئية إلى ذلك١.

وعلى أي حال، فهناك ما يشير على أن الحميريين قد استولوا على مأرب -العاصمة السبئية العتيقة-، وربما استغلوا فرصة الضعف التي سادت البلاد في أعقاب حملة "إليوس جالليوس" الفاشلة، على رأي، وفي حوالي عام ١١٠م، على رأي آخر، ومن ثم فقد غير أحد ملوكهم-مجاراة، وربما منافسة لملوك سبأ الشرعيين- لقبه من "ذي ريدان" إلى "ملك سبأ وذي ريدان"، وأعادوا إليه لقبه ونفوذه، وإن ظل الحميريون محتفظين بلقبهم الجديد، ومن ثم فقد رأينا ملكين -الواحد سبئي والآخر حميري- وكل منهما يزعم أنه "ملك سبأ وذي ريدان"٢، هذا ويذهب "فون فيسمان" -اعتمادًا على نقش جام ٦٥٣- إلى أن الحميريين قد أعادوا الكرة واستولوا على مأرب مرة أخرى، حوالي عام ٢٠٠م، أو عام ٢١٠م٣.

وأما أول من حمل لقب "ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات" فهو "شمر يهرعش" حوالي عام ٢٩٠، ويبدو أن الرجل قد اتصل بالحكم منذ أيام أبيه "ياسر يهنعم"، كما تشير إلى ذلك نصوص كثيرة، ومنها نص يرجع إلى عام ٢٧٦م، كما تدلنا كذلك النصوص التي ترجع إلى أيام أبيه، على أنه قد شارك في الحرب التي نشبت في تلك الفترة.

ويحتل "شمر يهرعش" في قصص الأخباريين مكانة قد تفوق مكانة أبيه، فهو عندهم "تبع" الذي جاء ذكره في كتاب الله الكريم، لأنه "لم يقم للعرب قائم قط أحفظ لهم منه، فكان جميع العرب -بنو قحطان وبنو عدنان- شاكرين لأيامه، وكان أعقل من رأوه من الملوك، وأعلاهم همة وأبعدهم غورًا، وأشدهم مكرًّا لمن حارب، فضربت به العرب الأمثال"٤.


١ Le Museon, ١٩٦٤, ٣-٤, P.٤٥١
٢ جواد علي ٢/ ٥٢٠، وكذا Le Museon, ١٩٦٤, ٣-٤, P.٤٥١
٣ Le Museon, ١٩٦٤, ٣-٤, P.٤٩٨
٤ وهب بن منبه: كتاب التيجان في ملوك حمير ص٢٢٢.

<<  <   >  >>