للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في تلك الفترة من التاريخ في شبه الجزيرة العربية، فقد أصبحت أرض الجنوب مدخلا لتلك الدول توصلها إلى قلب البلاد١.

وتبحر الحملة إلى اليمن في ثماني سفائن، غرقت منها سفينتان، ووصل إلى ساحل عدن ست سفائن، وهنا يروي الإخباريون رواية، تكررت من قبل مع "أرياط"، إذ يزعمون أن "وهريز" قد أمر بأن تحرق السفائن جميعًا، ليعلم جنوده أنه ليس أمامهم، سوى النصر أو الموت، وأنه سأل "سيفًا" عما عنده، فأجابه: "ما شئت من رجل عربي وسيف عربي، ثم اجعل رجلي مع رجلك، حتى نموت جميعًا أو نظفر جميعًا"٢، وعلى أي حال، فإن الحملة ما أن بلغت اليمن حتى انضم إليها الكثير من أتباع سيف، وفي نفس الوقت سار إليها "مسروق" في مائة ألف من الحبشة وحمير والأعراب- طبقًا لبعض الروايات- إلا أن المعركة سرعان ما انتهت باندحار الأحباش وأتباعهم، ولقى "مسروق" حتفه فيها، ودخل "وهريز" صنعاء، وملك اليمن، ونفى عنها الحبشة، ثم تركها -بأمر من كسى أنوشروان- لسيف بن ذي يزن، الذي رضي بدفع جزية وخراج يؤديه كل عام٣.

وهكذا نجح العرب اليمنيون في تحرير بلادهم من ربقة الاستعمار الحبشي، وقنع الفرس -على ما يبدو- بإقامة حكم وطني في اليمن يدين بالتبعية لهم، ومن ثم فقد أصبح "سيف بن ذي يزن" ملكًا على اليمن، في حوالي عام ٥٧٥م، فيما يرى المؤرخون المحدثون، وإن كان حكمه لم يشمل كل أنحاء البلاد، بل يبدو أن هناك رجالا من الفرس كانوا يحكمون في اليمن، منذ حوالي عام ٥٩٨م،


١ P.K. Hitti, Op. Cit., P.٦٦
٢ ابن الأثير ١/ ٤٤٩، مروج الذهب ٢/ ٥٥-٥٦، تاريخ الخميس ص٢١٨، تاريخ الطبري ٢/ ١٤٤-١٦.
٣ ابن الأثير ١/ ٤٤٩-٤٥١، ابن كثير ٢/ ١٧٧-١٧٨، الأخبار الطوال ص٦٤، تاريخ ابن خلدون ٢/ ٦٣-٦٤، تاريخ الطبري ٢/ ١٤٦-١٤٨، تاريخ اليعقوبي ١/ ٢٠٠، مروج الذهب ٢/ ٥٦-٥٧، ملوك حمير وأقيال اليمن ص١٥١-١٥٢، فضلو حوراني ص١٠٤، قارن: سعد زغلول المرجع السابق ص١٩٩، المعارف ص٢٧٨، المقدسي ٣/ ١٩٠-١٩٥، جواد علي ٣/ ٥٢١-٥٢٣.

<<  <   >  >>