للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من العربية القديمة إلى الآشورية إلى الآرامية إلى النبطية إلى القرشية١، ومن ثم فإن القرابة بين الأنباط والقرشيين أمر معروف، وما أتى المستشرقون بجديد فيها، الأمر الذي سنشير إليه عند الحديث عن الأنباط، ومنها "ثالثًا" أن هناك في المراجع العربية ما يشير إلى أن قريشًا عندما طردت خزاعة من مكة، فإن بعضًا من رجال خزاعة قد وهب مسكنه، ومنهم من باعه، ومنهم من أسكنه، مما يدل على أن مكة إنما كانت عشية تسلم قصي زمام السلطة فيها مأهولة بسكانها من الخزاعيين، فما فعل قصي إلا أن أحل قريشًا مكان خزاعة، بعد أن كان بعض منها يسكن الشعاب ورءوس الجبال -كما أشرنا من قبل- ويؤيد هذه الحقيقة أن القرآن الكريم إنما يسمي مكة "أم القرى"، حيث يقول سبحانه وتعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} ٢، ويقول: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا} ٣، وبدهي أن ذلك إنما يعني أن مكة كانت عاصمة المنطقة وقت ذاك، وأن أهل المنطقة إنما كانوا يعرفون هذه التسمية التي أطلقها القرآن الكريم على مكة، كما أن مكة هذه لن توجد بين عشية وضحاها، أو أن العمران يتطور فيها إلى أن تصبح عاصمة للحجاز، فيما بين عهد قصي والبعثة النبوية الشريفة، وهي فترة لا تزيد كثيرًا عن قرن ونصف قرن من الزمان.


١ العقاد: إبراهيم أبو الأنبياء ص١٣٦-١٣٧، عبد الرحمن الأنصاري: لمحات عن القبائل البائدة ص٨٩، فيليب حتى: تاريخ العرب ص١٠٨-١٠٩،
وكذا The Universal Jewish Encyclopaedia, I, P.١٩٨
وكذا M. Sprenling, The Alphabet, Its Rise And Development From The Sina Inscriptions. P.٥٢
٢ سورة الشورى: آية٧، وانظر: تفسير النسفي ٤/ ١٠٠، تفسير أبي السعود ٥/ ٢٩، الكشاف ٣/ ٢٧٥، تفسير البيضاوي ٢/ ٣٥٣، تفسير الطبري ٢٥/ ٨٠١٠، تفسير القرطبي ١٦/ ١٦، تفسير الطبرسي ٢٥/ ٣٨-٣٩، تفسير روح المعاني ٢٥/ ١٣-١٤، تفسير ابن كثير ٦/ ١٨٨-١٩٠، تيسير العلي القدير ٣/ ٥٦٣، وانظر: سورة الأنعام: آية ٩٢.
٣ سورة القصص: آية ٥٩، وانظر: تفسير البيضاوي ٢/ ١٩٨، تفسير الطبري ٢٠/ ٦٥-٩٦، تفسير روح المعاني ٢٠/ ٩٨، تفسير الطبرسي ٢٠/ ٣٠٥-٣١٠، تفسير ابن كثير ٣/ ٣٩٥-٣٩٦ "دار إحياء التراث العربي" تفسير القرطبي ١٣/ ٣٠١-٢٠٣، تيسير العلي القدير ٣/ ٢٧٣، في ظلال القرآن ٢٠/ ٢٦٩٦-٢٦٩٧، ٢٧٠٤-٢٧٠٥ "بيروت ١٩٧٤"، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل للزمخشري ٣/ ١٨٦.

<<  <   >  >>