للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمدينة المنورة لم تكن تعرف بهذا الاسم قبل نصرتها للإسلام، وهجرة المصطفى، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إليها في عام ٦٢٢م، وإنما كانت تسمى "يثرب"، وإلى هذا يشير القرآن الكريم في قوله تعالى {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} ١، وقد ذكرت يثرب في الكتابات المعينية، ربما بسبب وجود جالية معينية كانت تقيم هناك خلفتها أخرى سبئية، بعد أن ورث السبئيون دولة معين في اليمن، ومستعمراتها في شمال غرب شبه الجزيرة العربية، ولعل هذا هو السبب الذي دفع بالنسابين من بعد أن يروا في سكان يثرب من العرب، أزدا من قحطان٢.

ولعل أقدم إشارة إلى "يثرب" في النصوص البابلية، إنما ترجع إلى القرن السادس ق. م، إذ تحدثنا كتابة عثر عليها في "حران" عام ١٩٥٦م، تتحدث عن أعمال الملك البابلي "نبونيد" "٥٥٥-٥٣٩ق. م" في بلاد العرب، فتروي أن ذلك الملك المثقف الذي اشتهر بحبه للآثار٣، قد قام بحملة في العام الثالث من حكمه إلى شمال غرب شبه الجزيرة العربية، احتل فيها تيماء وديدان وخيبر ويثرب، والتي جاءت تحت اسم "أتريبو"، وكانت آخر موضع وصل إليه العاهل البابلي في بلاد العرب، وربما كان السبب في هذه الحملة، إنما كان مهاجمة العرب لمناطق خاضعة للبابليين، وربما كان رغبة البابليين في السيطرة على الطريق التجاري البري بين الشام وجنوب بلاد العرب٤.

وأيا ما كان السبب، فإن العاهل البابلي قد استقر في "تيماء" فترة تقرب من


١ سورة الأحزاب: آية١٣، وانظر: تفسير القرطبي ١٤/ ١٤٧-١٤٩ "دار الكتب" تفسير الفخر الرازي ٢٥/ ١٩٩-٢٠٠، تفسير روح المعاني ٢١/ ١٥٨-١٦١، تفسير البيضاوي ٢/ ٢٤٠-٢٤١، تفسير الطبري ٢١/ ١٨٧-١٨٨، تيسير العلي القدير ٣/ ٣٥٥-٣٥٦، تفسير الكشاف ٣/ ٢٥٤، في ظلال القرآن ٢١/ ٢٨٣٨-٢٨٣٩.
٢ جواد علي ٤/ ١٢٨، وكذا ENCY. OF ISLAM, III. P,٨٣
وكذا H. WINCKLER, ARABISCH-SEMITISCH ORIENTALISCH, IN MVG, ١٩٠١, P.٦٣
٣ A. GARDINER, EGYPT Of The Pharaohs, P.٣٦٣
٤ A.R. Burn, Persia And The Greeks, P.٣٨
وكذا C.J. Gadd, The Harran Inscriptions Of Nabonidus, P.٣٥
وكذا A. Musil, Northern Nejd, P.٢٢٥. وكذا As, ٨, ١٩٥٨,. P.٨٤
وكذا P.K. Hitti, Op. Cit., P.٣٩. وكذا S. Smith, Op. Cit., P٣, ٨٨

<<  <   >  >>