للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحراء واصلا بين سبأ في الجنوب، وثغور بحر الروم في الشمال١، ويبدو أن ملوك الأنباط في أخريات أيام دولتهم قد أقاموا في أكثر الأحايين في "بصرى"، ثم جاء الغزو الروماني للمدينة في عام ١٠٥م "أو١٠٦م"، فنقل مركز الثقل بصفة نهائية إلى بصرى، وسرعان ما أخذت أهمية المدينة تتضاءل شيئا فشيئا، حتى أصبحت في ذمة التاريخ، وأخيرا كشف عنها "بوركهارت" في عام ١٨١٢م٢.

ولعل أهم آثار البتراء "خزانة فرعون" المنحوتة في الصخر، ومعبد ربما بني في القرن الأول قبل الميلاد، ويشبه إلى حد ما الكعبة في الجاهلية، حيث كان يضم عدة أصنام على رأسها "دوشرا" "ذو الشرى"، وكان يعبد على شكل حجر أسود مستطيل، ويعتبر إله الكرمة، وقد جئ به إلى أرض الأنباط في الحقبة الهلينية فاكتسب صفات "ديونيسوس"، أما سيدة الآلهات عندهم فهي "اللات" التي اعتبرها "هيرودوت" "أفروديت"، هذا وهناك كذلك "النجر" وهو جبل مقدس، تمتد على مقربة منه مذابح لتقديم القرابين٣.

وأخيرا، فلعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن مولانا وسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حينما خرج في السنة السادسة من الهجرة لغزو بني لحيان، سار على غراب "جبل بناحية المدينة على طريق الشام" ثم على مخيض ثم على "البتراء"٤، هذا فضلا عن أن ابن إسحاق قد ذكر من بين مساجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسجد بطرف البتراء٥.


١ P.K. HITTI, OP. CIT., P.٦٧
٢ انظر: J.L. BURCKHARDT, TRAVELS IN SYRIA AND THE HOLY LAND, P.٤١٨-٣٤, "LONDON, ١٨٢٢"
٣ THE QUARTERLY OF THE DEPARTMENT OF ANTIQUITIES IN PALESTINE, VII, ١٩٣٨, P١. ١
وكذا P.K. HITTI, OP. CIT., P.٧٢. وانظر كذلك: المشرق، الجزء ٢١ عام ١٩٠٥ ص٩٦٥ وما بعدها، فيليب حتى: المرجع السابق ص٤٢٨-٤٢٩، محمد مبروك نافع: المرجع السابق ص٨٩
وكذا HERODOTUS, BK. III, CH.٨
٤ تاريخ الطبري ٢/ ٥٩٥، البكري ١/ ٢٢٤، ياقوت ١/ ٣٣٥.
٥ البكري ١/ ٢٢٤، ياقوت ١/ ٣٣٥.

<<  <   >  >>