للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس من شك في أهل كانوا عربا -شأنهم في ذلك الأنباط في البتراء- بدليل وجود بضع المصطلحات والكلمات العربية الأصلية في كتاباتهم، كما أن أسماء الأصنام عندهم عربية، والأمر كذلك بالنسبة إلى أسماء الأعلام، ومن ثم فقد رأى بعض العلماء أنهم من القبائل العربية التي أخذت تستولي على المناطق الخصبة في شرق الأردن، عقب انهيار الدولة البابلية الحديثة، وسقوط بابل تحت السيادة الفارسية في عام ٥٣٩ق. م، ثم أخذت تستعمل الآرامية -وهي لغة الكتابة والثقافة في غرب الفرات وقت ذاك- لغة لها، ومع هذا فإن لغتهم هذه، ليست إلا لهجة من اللهجات الآرامية، وأنها لا تختلف كثيرا عن لغة الأنباط، وعن الآرامية المصرية١.

ومع ذلك فإن اللهجة الآرامية التدمرية لها مميزات بررت أن يختصها بعض الباحثين بدراسة لغوية منفصلة، ومن أشهر هذه الدراسات كتابات المستشرق الفرنسي "كانتنيو"٢، وقد طور التدمريون الكتابة الآرامية، وعنهم انتقلت إلى السريان في "الرها"، فظهر منها الخط السرياني القديم المعروف باسم "الخط السرنجيلي" الذي ظهر بعد الانشقاق المذهبي بين سريان الرها في عام ٤٨٩م، ثم ظهور لهجة غربية تسمى اليعقوبية، وشرقية تسمى النسطورية٣.

وأما الثقافة التدمرية، فكانت مزيجا من الثقافات العربية والآرامية واليونانية واللاتينية؛ ذلك لأن تدمر -كما كانت البتراء من قبل- قد نمت في ظل حضارة الآراميين، واتخذت لغتهم، فضلا عن المبادئ الأساسية في تفكيرهم الثقافي والديني، هذا في وقت الذي أخذت فيه كذلك كثيرا عن دنيا اليونان والرومان٤.

هذا، وقد قامت كذلك في تدمر جالية يهودية، منذ وقت لا نستطيع تحديده


١ محمد بيومي مهران: حركات التحرير في مصر القديمة ص٣٤٢-٣٤٣
وكذا R. GHIRSHMAN, IRAN, ١٩٥٤, P.١٣١-١٣٢ وكذا P.K. HITTI, OP. CIT., P.٧٦
وكذا EB, ١٧, P.١٦١
وكذا A.T. OLMSTEAD, HISTORY OF THE PERESIAN EMPIRE, CHICAGO, ١٩٧٠, P.٥٠-٥١
٢ حسن ظاظا: الساميون ولغاتهم ص١١٥، وكذا
J. CANTINEAU, GRAMMAIRE DU PALMYRENIEN EPIGRAPHIQUE, LE CAIRE, ١٩٣٥.
٣ حسن ظاظا: المرجع السابق ص١١٥-١٢١.
٤ موسكاتي: المرجع السابق ص٢٠٣.

<<  <   >  >>