للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يظنون أنهم مؤسسوها، بما يشبه قول يهود، فمثلا "مصر" إنما بناها "مصرايم" وآشور بناها أشور، ومن هذا القبيل كذلك قولهم "يعرب" لمن تكلم بالعربية، وأن "سبأ" إنما سميت كذلك لتفرقها أو لكثرة السبي، وهكذا١.

وهناك "ثالثًا" اختلاف الإخباريين في الأنساب، حتى أنهم لم يتفقوا إلا في القليل من أسماء الملوك والأمراء، وإن كان الأمر جد مختلف بالنسبة إلى قريش، وهناك "رابعًا" أن العرب كانت تتصرف في الأسماء غير العربية، بتبديل حروفها وتغييرها، ومن ذلك اختلافهم في ذي القرنين بين أن يكون "الصعب بن مداثر" من ملوك اليمن، أو أن يكون الإسكندر المقدوني٢، وقريب من هذا ما فعلوه بملوك مصر على أيام الفراعين، فملك مصر على أيام يوسف، عليه السلام، إنما هو "الريان بن الوليد بن الهروان بن أراشه بن فاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح" وأن فرعون موسى عليه السلام، إنما هو "قابوس بن مصعب بن معاوية" صاحب يوسف الثاني، وكانت إمرأته "آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد" فرعون يوسف الأول، وأنها من بني إسرائيل على ما يرى بعض الرواة٣.

ولست أدري -علم الله- من أين جاء المؤرخون الإسلاميون بهذه الأخبار، والتوراة -على فرض أنهم نقلوها عن يهود- لم تذكر هذه الأسماء أبدًا، والأمر كذلك بالنسبة إلى القرآن الكريم، فضلا عن أن الفراعين المصريين -كما نعرف


١ المسعودي: مروج الذهب ١/ ١٤٩-١٥٠، ٢٦٠-٢٦١، جرجي زيدان: العرب قبل الإسلام ص١٥.
٢ جرجي زيدان، المرجع السابق ص١٨، ثم قارن: ملوك حمير وأقيال اليمن ص١١٤ "المطبعة السلفية، القاهرة ٣٧٨هـ".
٣ عز الدين أبو الحسن علي بن أبي الكرم ابن الأثير، الكامل في التاريخ، الجزء الأول، بيروت ١٩٦٥ ص١٤٥، ١٦٩، تفسير القرطبي ص٣٤٢٧ "طبعة دار الشعب"، محمد رشيد رضا، تفسير سورة يوسف، ص٦٨، الطبري،: تاريخ الرسل والملوك "١/ ٣٣٥، ٣٣٦، ٣٤٢، ٣٦٣، ابن كثير: البداية والنهاية ١/ ٢٣٩، تاريخ ابن خلدون ١/ ٧٥-٧٦، مروج الذهب ١/ ٦١، سعد زغلول: المرجع السابق ص١٠٤.
ثم انظر عن ملوك مصر الفرعونية -طبقًا للروايات العربية- كتاب الاستبصار في عجائب الأمصار، تحقيق الدكتور سعد زغلول "ط جامعة الإسكندرية ١٩٥٨"، مروج الذهب "١/ ٣٩٦-٣٩٩، ابن خلدون ٢/ ٧٤٠٧٦، سعد زغلول عبد الحميد: في تاريخ العرب قبل الإسلام ص١٠١-١٠٦.

<<  <   >  >>