للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقدس، ومن ثم فقد أقنع "فردريك الخامس" ملك الدانيمارك، بإرسال بعثة علمية إلى بلاد العرب١، تحركت من ميناء "كوبنهاجن" في ٤ يناير ١٧٦١م، ووصلت إلى ميناء القنفذة في ٢٩ أكتوبر ١٧٦٢، غير أن النكبات بدأت تحل بها يومًا بعد آخر، حتى لم يبق من أعضائها على قيد الحياة، غير الضابط الصغير "كارستن نيبؤور" الذي أخذ على عاتقه تنفيذ الخطة التي رسمت للبعثة، ومن ثم فقد قرر ألا يعود إلى وطنه، إلا بعد أن يحقق الهدف، وقد بر الرجل بوعده، ولم تطأ قدماه أرض "كوبنهاجن" إلا في عام ١٧٩٧م، بعد أن قطع رحلة طويلة مارًّا بالبصرة وبغداد والموصل وحلب والقدس وقبرص واستنبول.

وبالرغم من أن أربعة من الباحثين قد ماتوا، إلا أن النتائج التي توصلت إليها هذه البعثة كانت أفضل نتائج البعثات العلمية في ذلك الوقت، وما زالت المعلومات التي دونها "نيبؤور" مرجعًا أساسيًّا عن اليمن حتى الآن، فضلا عن أنه لفت أنظار العلماء إلى "المسند" والرُقُم العربية، إلى جانب ما قدمه من خرائط لأماكن مجهولة لم تكن قد وطأتها قدم أوربي قبل ذلك٢، هذا وقد وضع هذا الرحالة الممتاز كتابًا عن رحلته باللغة الألمانية، ظهرت له أكثر من ترجمة فرنسية وإنجليزية٣.

شجعت رحلة "نيبؤور" العلماء على مواصلة البحث عن النقوش العربية الجنوبية، ثم كانت حملة نابليون بونابرت" على مصر في عام ١٧٩٨م، وكشف حجر رشيد في العام التالي، ثم الجهود المضنية التي بذلها العلماء من أمثال "إكربلاد" عام ١٨٠٢م، و"توماس يونج" عام ١٨١٤م، وأخيرًا جاء "جان فرنسوا


١ تكونت البعثة من: "كريستنس فون هافن" المتخصص في اللغات الشرقية، و"بيتر فورسكال" المتخصص في علم الحيوان، و"كريستنس كارل كرامر" الطبيب، و"جورج فلهلم بورنفيند" الرسام، ثم "كارستن نيبؤور" لعمل الخرائط وتدوين المعلومات الجغرافية.
٢ ديتلف نلسن: المرجع السابق ص١-٣، أحمد فخري: اليمن ماضيها وحاضرها ص٧٧-٩٩، دراسات في تاريخ الشرق القديم ص١٤٨-١٤٩، جاكلين بيرين: المرجع السابق ص١٤٤-١٤٦،
وكذا R.H. Sanger, The Arabian Peninsula, ١٩٥٤, P.٢٤١
وكذا R.A. Nicholson, A Literary History Of The Arabs, P.٧
وكذا J.B. Philby, Eb, ١٤, ١٩٢٩, P.١٦٩
٣ جواد علي ١/ ١٢٥.
وكذا Carsten Niebuhr, Description De L'arabie, Copenhagen, ١٧٧٣
وكذا Voyage En Arabie, Amsterdam, ١٧٧٤-٨٠

<<  <   >  >>