للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك النداء في قولك: يا رجلان، ويا غلامان؛ ألا ترى أن الواحد من نحو هذا لا تنوين فيه؛ وإنما هو يا غلام، ويا رجل، فالنون فيهما بدل من الحركة وحدها.

فإن قلت: فإن واحد الزيدان والعمران زيد وعمرو، وهما كما ترى منونان؛ فهلا زعمت أن النون في الزيدان والعمران بدل من الحركة والتنوين جميعًا لوجودك إياهما في واحدهما، وهو زيد وعمرو، كما زعمت أنهما في رجلان وفرسان بدل من الحركة والتنوين في واحدهما، وذلك قولك رجل وفرس؟

فالجواب: أن قولك "الزيدان" كقولك "الرجلان"؛ لأن اللام عرفت زيدين كما عرفت رجلين، والنون في "زيدان" عوض من الحركة والتنوين جميعًا، وهي في "الزيدان" عوض من الحركة والتنوين جميعًا، وهي في الرجلان عوض من الحركة وحدها.

واعلم أن قولك: "جاءني الزيدان" ليس تثنية زيد هذا المعروف العلم؛ وذلك أن المعرفة لا تصح تثنيتها من قبل أن حد المعرفة أنها ما خص الواجد من جنسه ولم يشع في أمته، فإذا شورك في اسمه؛ فقد خرج عن أن يكون علمًا معروفًا، وصار مشتركًا فيه شائعًا، وإذا كان الأمر كذلك؛ فلا تصح التثنية إذن إلا في النكرات دون المعارف.

وإذا صح ما ذكرناه؛ فمعلوم أنك لم تثن زيدًا حتى سلبته تعريفه وأشعته في أمته؛ فجعلته من جماعة كل واحد منهم زيد؛ فجرى لذلك مجرى رجل وفرس في أن كل واحد منهما شائع لا يخص واحدًا بعينه، ولا تجد له في بعض المسمين به مزية ليست في غيره من المسمين به، وإذا جرى زيد بعد سلبه تعريفه مجرى رجل وفرس؛ لم يستنكر فيه أن يجوز دخول لام المعرفة عليه في التقدير وإن لم يخرج إلى اللفظ؛ فكأنه صار بعد نزع التعريف عنه يجوز أن تقول: الزيد والعمرو. وقد جاء شيء من ذلك في الشعر.

قال ابن ميادة١:


١ البيت نسبه صاحب الخزانة "١/ ٣٢٧" إلى ابن ميادة، وكذا مغني اللبيب "١/ ٣٠٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>