للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما أبنان فجبلان متقابلان لا يفارق واحد منهما صاحبه؛ فجريا لاتصال بعضهما ببعض مجرى المسمى الواحد، نحو بكر وقاسم، فكما خص كل واحد من الأعلام باسم يقيده من أمته، كذلك خص هذان الجبلان باسم يقيدهما من سائر الجبال؛ لأنهما قد جريا مجرى الجبل الواحد؛ فكما أن ثبيرا، وهبوا، ويذبل، لما كان كل واحد منهما جبلًا واحدًا أجزاؤه متصل بعضها ببعض خص باسم له لايشارك فيه؛ فكذلك أبانان لما لم يفترق بعضهما من بعض، وكانا لذلك كالجبل الواحد، خصا باسم علم، كما خص يذبل، ويرمرم١، وسحام٢، كل واحد منها باسم علم.

أنشد خلف الأحمر٣:

لو بأبانين جاء يخطبها ... رمل ما أنف خاطب بدم٤

وحال عمايتين -وهما جبلان متناوحان- حال أبانين.

أنشدني أبو علي٥:

لو أن عصم عمايتين ويذبل ... سمعًا حديثك أنزلا الأوعالا٦


١ يرمرم: جبل. القاموس المحيط "٤/ ١٢٢".
٢ وسحام: اسم موضع. لسان العرب "١٢/ ٢٨٢" مادة/ سحم.
٣ جاء ذلك في مغني اللبيب "٥/ ٢٧٤"، وخلف الأحمر أحد الرواة المشهورين في رواية الشعر.
٤ البيت نسبه صاحب المفصل إلى المهلهل بن ربيعة "١/ ٤٦"، وجاء في اللسان في مادة "أبن" ونسبه أيضًا إلى المهلهل.
أبانان: جبلان في البادية، ويقال هما أبان الأبيض والأسود.
رمل: أي رش عليه الرمل.
والشاهد فيه معاملة الجبلين كجبل واحد، لا تفترق أحدهما عن الآخر في قوله "أبانين".
٥ وفي روايته لما أنشده أبو علي تأكيد على صدق حجته وصحة مذهبه.
٦ البيت لجرير في ديوانه "ص٥٠".
عمايتين: جبلين.
الأوعالا: "م" وعل: وهو تيس الجبل أي ذكر الأروى وهو جنس من الماعز الجبلية له قرنان قويان منحنيان كسيفين أحدبين. القاموس المحيط "٤/ ٦٥".
يقول الشاعر: لو أن الجبلين سمعا كلامك لهبطت الوحوش منهما تلبية لك واستئناسًا بحديثك.
والشاهد فيه قوله "عصم عمايتين ويذبل" والتقدير: عصم عمايتين وعصم يزبل فحذف المضاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>