للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولا ترى أن أبا الحسن وأبا العباس١ ومن قال بقولهما قد ذهبا إلى أن كسرة تاء التأنيث في موضع النصب إنما هي حركة بناء لا حركة إعراب، ولم يقولوا في كسرتها في موضع الجر إنها حركة بناء، بل قالا بما قال به سيبويه٢ والجماعة من أنها حركة إعراب. ولا شيء حملهما على أن قالا إن كسرة تاء: ضربت الهنداتِ، حركة بناء إلا ضعفها وقلة تمكنها في هذا الموضع من حيث كانت محمولة على غيرها. فهذا يدلك على أن ما حمل على غيره ليس كما هو أصل قائم بنفسه، لا سيما إذا كان في حمله على غيره ما يدعو إل ترك القول بما قد وضحت أدلته، ونطقت شواهده، وهو قول سيبويه.

ويؤكد عندك أيضًا أن ما حمل على غيره ليس له قوة ما هو قائم بنفسه، أن حذف الواو من "يَعِدُ" مع الياء أقوى من حذفها مع غيرها من حروف المضارعة، لأنها في هذا محمولة على الياء، فحذفها مع الياء أقوى من حذفها مع غيرها من سائر حروف المضارعة المحمولة على الياء، ولهذا نظائر.

وشيء آخر يفسد هذه الزيادة، وهو أنه لو كانت النون دخلت في المعرفة حملا على النكرة لوجب أيضًا أن تدخل على المضاف لدخولها على المفرد إذ كانت الإضافة فرعا على الإفراد، ولَلَزم أن تقول: قام غلامانِ زيدٍ، وكما كنت تقول قبل الإضافة: قام غلامانِ، فتركهم إلحاق النون في الإضافة مع أنها فرع على الإفراد دلالة على أنهم يلحقونها في المعرفة من حيث كانت فرعا على النكرة.

فإن قال قائل: ما تنكر أن يكونوا إنما لم يلحقوها في الإضافة وإن كانت فرعا على الإفراد كما ألحقوها مع المعرفة من حيث كانت فرعا على النكرة من قبل أنهم لو قالوا: قام غلامان زيد، لجمعوا في آخر الاسم زيادتين؛ النون والمضاف إليه، فثقل عليهم ذلك، فرفضوه؟

فالجواب: أن يقال لمن قال هذا: مذهبك أدّاك إلى هذا، فإياك فَلُمْ، فإنك أنت وجهت على نفسك هذا الإلزام.


١ ذهب المبرد في المقتضب "١/ ١٤٤-١٤٥، ٣/ ٣٣١" إلى أن الجر والنصب متساويان في جمع المؤنث بالألف والتاء.
٢ الكتاب: "١/ ٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>