كتاب سر صناعة الإعراب

المجلد الثاني - باب النون - ج: 2 - ص: 141

وأخبرنا بعض أصحابنا يرفعه إلى قطرب١ أنه أنشد:

شئز جنبي كأني مهدأٌ ... جعل القينُ على الدَّفِّ إبَرْ٢

ولم يقل إبرَا.

وقال الآخر٣:

أعددتُ للوِرْدِ إذا الوِرْدُ حفز ... غَرْبًا جَرُورًا وجُلالا خُزَخِز٤

ولم يقل خُزَخِزا. وأخبرنا بعض أصحابنا عن قطرب أنه أنشد لعدي بن زيد٥:

أتعرف أمس من لميسَ طَلَلْ ... مثل الكتاب الدارس الأحوَلْ٦

قد كنتَ بحرًا كالفراتِ تميرُ ... الناسُ منه درمكًا وحُلَلْ٧

ولم يقل طلالا، ولا حلالا.

---

١ هو محمد بن المستنير بن أحمد نحوي عالم بالأدب واللغة.
٢ شئز: قلق.
مهدأ: المنكب درم أعلام واسترخى حمله. كذا قال الفيرزآبادي.
القين: الحداد، ثم أطلق على كل صانع "ج" قيون. القاموس المحيط "٤/ ٢٦٢".
الدف: الجنب من كل شيء، ويقال بات يتقلب على دَفَّيهِ. القاموس المحيط "٣/ ١٤٠".
والشاهد فيه قوله "إبرْ" بتسكين دون مد، والأصل إبرا.
٣ لم نعثر على قائله.
٤ البيت ذكره صاحب اللسان في مادة "خزز"، وكذا صاحب المنصف "١/ ٢٧" ولم ينسباه.
الوِرْدُ: الماء الذي يورد.
غربًا: الدلو العظيم. القاموس المحيط "١/ ١٠٩".
الجرور: الذي لا ينقاد بسهولة ويسر من الخيل والإبل. القاموس المحيط "١/ ٣٨٩".
الخزخز: القوي المتين من الإبل، والعبيد الذي سيحملون هذا الماء. القاموس المحيط "٢/ ١٧٥".
والشاهد في قوله: خزخز: حيث سكن ولم يقل بالمد خزخزا.
٥ البيت ينسب لعدي بن زيد وهو في ديوانه "ص١٥٧".
٦ طلل: ما بقي من آثار الديار ونحوها. القاموس المحيط "٤/ ٨".
الدارس: الذي ذهب أثره وعفا. لسان العرب "٦/ ٧٩" مادة/ درس.
الأحول: الدار والمنزل الذي تغير وأتى عليه أحوال "سنون". القاموس المحيط "٣/ ٣٦٣".
والشاهد فيه قوله طلل: ولم يقل طللا نصبا على المفعولية وإنما سكن.
٧ البيت لم يذكره صاحب اللسان في مادة "درمك" ولم نعثر على قائله فيما بين أيدينا.
تمير الناس: أي تأخذ الناس منه طعامهم وشرابهم وتجمعهما للسفر، ذلك أن الميرة الطعام يجمع للسفر ونحوه. وتمير الناس كناية عن شدة كرمه.
"كالفرات" أسلوب بلاغي في صورة تسبيه بليغ بعكس سماحته وكرمه وعطاءه.
حلل: "م" الحلة: الثوب الجيد الجديد غليظا أو رقيقا، وكانت عند العرب تتكون من قميص وإزار ورداء.
والشاهد فيه قوله "حلل" ولم يقل حلالا نصبا على التبعية.