للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك قراءة أبي عمرو: "السُّفَهَاءُ وَلا إِنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاء" [البقرة: ١٣] ١ ومن ذلك قولهم في "آخيتُ زيدًا: وَاخَيْتُهُ" فهذه الواو بدل من الهمزة لا محالة، ولا يجوز أن يكونا أصلين مثل "أكدت" و"وَكَّدت" و"أَرَّخْتُ"٢ و"وَرَّخْتُ" وذلك أن لام الفعل من "وَاخَيْتُ" في الأصل إنما هي واو لقولك "أخوانِ" و"إخوة" وإنما قلبت في "واخيتُ" كما انقلبت في "غازيتُ"، فإذا كانت اللام كما ذكرنا واوًا لم يجُزْ أن تكون الواو في "واخيتُ" أصلا، لأنه ليس في كلامهم كلمة فاؤها واو ولامها واو غير قولهم "واو" فاعرف ذلك.

وأما إبدال الواو من الهمزة المبدلة فقولك في تخفيف "يملك أحد عشر: وهو يملك وَحَدَ عَشَرَ" وفي "يضربُ أناةً٣: هو يضربُ وناةً" وذلك أن الهمزة في "أحد" و"أناة" بدل من واو، وأصله "وَحَدٌ" لأنه هو الواحد، و"امرأة وَناة" من "الوُنِيّ" وهو الفتور، وذلك أن المرأة توصف بأنها كسول.

ألا ترى إلى قول حسان٤:

وتكاد تَكْسَلُ أن تجيء فراشَها ... في جسم خَرْعَبَةٍ وحُسْنِ قوامِ٥


١ وقد ذكر سيبويه أن قول أبي عمرو هو تخفيف الأولى وتحقيق الثانية. "الكتاب ١/ ١٦٧".
وجاء في اللسان "حرف الهمزة" "١/ ١٢": "وأما أبو عمرو فإنه يحقق الهمزة الثانية في رواية سيبويه، ويخفف الأولى، فيجعلها بين الواو والهمزة فيقول السفهاو ألا" ... وأما سيبويه والخليل فيقولان: "السفهاء ولا" يجعلون الهمزة الثانية واوًا خالصة".
وذكر أبو حيان أنه إذا كانت الأولى مضمومة والثانية مفتوحة وهما كلمتين فإن تحقيق الأولى وتخفيف الثانية قراءة الحرمين -ابن كثير ونافع- وأبي عمر. البحر المحيط "١/ ٦٨".
٢ أرخت: الكتاب: حدد تاريخه، والأحداث: دونها. القاموس المحيط "١/ ٢٥٦".
٣ أناة: الحلم والوقار.
٤ البيت في ديوانه "ص١٠٧" والمحتسب "٢/ ٤٨".
٥ الخرعبة: الفتاة الحسنة الجسيمة في قوام الغصن اللين المتثني. القاموس المحيط "٣/ ١٧".
الشرح: يصف الشاعر فتاته بالكسل على عادة الجاهليين الذين أحبوا تلك الصفة في الإناث فقال أشعرهم: "نؤوم الضحى" ثم يصف جمالها الحسي فهي فتاة حسنة جسيمة حسنة القوام.
والشاهد شرحه المؤلف في المتن.
إعراب الشاهد: تكاد: فعل مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة يرفع المبتدأ وينصب الخبر، واسمه ضمير مستتر تقديره هي.

<<  <  ج: ص:  >  >>