للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فغِظناهُمُ حتى أَتَى الغيظُ منهمُ ... قلوبًا وأكبادًا لهم ورِئينا١

وكل واحد من هذه الأسماء مؤنث، وليس واقعا على ذي عقل.

وكذلك "بُرة"٢ و"بُرُون" و"عِضة"٣ و"عِضُون" و"قُلة"٤ و"قُلُون" فكيف جاز جمع هذا بالواو؟

فالجواب: أن هذه أسماء مجهودة منتقصة، وذلك أن لامها قد حذفت، وأنا أذكر أصولها:

أما "ثبة" فالمحذوف منها اللام دون الفاء والعين، يدل على ذلك أن الثبة: الجماعة من الناس وغيرهم، قال الله تعالى: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} [النساء: ٧١] فـ "ثبات" كقولك: جماعات متفرقة، أو اجتمعوا كلكم.

أنشد أبو علي للهذلي٥:

فلما جلاها بالإيام تَحَيَّزَتْ ... ثُبات عليها ذُلُّها واكتئابُها٦

ورأيناهم يقولون: "ثَبَّيْتُ الشيءَ" إذا جمعته.


١ أتى الغيظ منهم: نال منهم.
يقول: لقد غظناهم حتى حطم الغيظ قلوبهم وأكبادهم ورئيهم.
والشاهد في قوله "رئين" فقد جمع كلمة "رئة" على رئون، ورئين إلحاقًا بجمع المذكر السالم.
إعراب الشاهد: رئين: معطوف منصوب علامة النصب الياء.
٢ البرة: الحلقة تجعل في أنف البعير. لسان العرب "١٤/ ٧١".
٣ العضة: واحدة العضاة، والعضاة شجر له شوك، والعضة: الفرقة، والكذب.
٤ القلة: الخشبة الصغيرة وهي قدر ذراع تنصب للتعريش. لسان العرب "١١/ ٥٦٦".
٥ هو أبو ذؤيب الهذلي يصف مشتار العسل، والبيت في شرح أشعار الهذليين "ص٥٣".
٦ الاكتئاب: تغير النفس بالانكسار من شدة الهم والحزن. لسان العرب "١/ ٦٩٥".
وثبات: جماعات من الناس متفرقة. لسان العرب "١٥/ ١٠٧".
يقول: لما طردهم بالدخان تجمعوا إلى بعضهم يكسوهم الحزن والذلة.
والشاهد في قوله "ثبات" فهي جمع لـ "ثبة" كما أورد المؤلف.
إعراب الشاهد:
ثبات: حال منصوبة وعلامة النصب الكسرة لأنها ملحقةُ بجمع المؤنث السالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>