للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تدحرج "دَدَدْ" فإنما هذه أصوات ليست تُوزَنُ، ولا تمثل بالفعل، بمنزلة "صه"١ و"مه" ونحوهما. فلما ذكرناه من الاحتجاج لمذهب أبي علي ما تعادل عندنا المذهبان أو قربا من التعادل.

وقد جاءت الفاء والعين واوين، وذلك قولهم "أوَّل" ووزنه "أَفْعَل" ويدل على ذلك اتصال "من" به على حد اتصالها بـ "أَفْعَل" الذي للتفضيل، وذلك قولهم: "ما لقيتك مذ أول من أمس" فجرى هذا مجرى قولك: "هو أفضل من زيد وأكرم من عمرو". ولقولهم في مؤنثه "الأولى" فجرى ذلك مجرى قولك "الأفضل" و"الفضلى". فأما قولهم: "أوائل" بالهمز فأصله "أَوَاوِل" لكن لما اكتنفت الألف واوان، وليست الآخرة منهما الطرف، فضعفت، وكانت الكلمة جمعًا، والجمع مستثقل، قلبت الآخرة منهما همزة، وقد أشبعنا القول في الرد على من خالفنا٣ من البغداديين في هذا الموضع في كتابنا٤ في شرح "التصريف"٥، وهذا الكتاب كأنه لاحق بذلك ومتصل به لاشتراكهما واشتباه أجزائهما، فلذلك تركنا إعادة القول هنا، وأحلنا على ذلك الكتاب في عدة مواضع من هذا.

وقد زيدت الواو أيضًا في جماعة المذكرين ممن يعقل، وذلك قولهم "الزيدون" و"البكرون".

فإن قلت: فما تقول في قولهم في جماع "ثُبة" و"ظُبة"٦ و"مائة" و"رِئة" و"سَنة": "ثُبُون" و"ظُبُون" و"مِئُون" و"رِئُون" و"سِنُون".

أنشد أبو زيد، وأنشدَناه أبو علي٧:


١ صه: اسم فعل أمر بمعنى اسكت.
٢ مه: اسم فعل أمر بمعنى اكفف.
٢ هو الفراء: فقد أجاز أن يكون من "وألت" ومن "ألت".
٤ يريد المصنف "٢/ ص٢٠٢-٢٠٤"، والمسائل الشيرازيات لأبي علي المسألة الأولى.
٥ هو كتاب "التصريف" لأبي عثمان المازني.
٦ الظبة: حد السيف والسنان، والخنجر، والجمع "الظباة والظبين". اللسان "١/ ٥٦٨".
٧ البيت للأسود بن يعفر وهو الأسود بن يعفر بن عبد الأسود بن جندل بن نهشل بن دارم ويكنى أبا الجراح، وكان رؤبة يقول: "يعفر" بضم الياء والفاء، وكان الأسود شاعرا فحلا وكان يكثر التنقل بين العرب ويجاورهم فيذم ويحمد وله في ذلك أشعار.

<<  <  ج: ص:  >  >>