للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما "بُرة" فحالها أيضًا حال "ثُبة" و"ظُبة" والمحذوف منها اللام، وهو حرف علة لقولهم: "أَبْرَيْتُ الناقةَ"١ و"هي مُبْراة" ولا دليل في "أَبْرَيْتُ" على أن اللام ياء كما لم يكن ذلك في "ثَبَّيْتُ" ولا في "أَدْنَيْتُ" والوجه أن تكون واوًا لما قدمناه، فيكون الأصل "بُرْوة" وقد حكيت أيضًا في بعض نسخ الكتاب "بَرْوة" في معنى "بُرة". وأيضًا فقد قالوا: "بَرَوْتُ الناقةَ" في معنى "أَبْرَيْتُها". ويؤكد أن المحذوف منها اللام دون غيرها قولهم في الجمع "البُرا" قال٢:

ذَكرتُ والأهواءُ تدعو للصِّبا ... والعِيسُ بالركبِ يُجاذبنَ البُرا٣

وأما "عِضة" فمن الواو أيضًا، وأصلها "عضوة" ألا ترى أنهم فسروا قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: ٩١] أي: فرقوه، وجعلوه أعضاء، قال ابن عباس -رحمه الله- أي: آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، فهو لفظ العضو ومعناه، وقال الكسائي: "العضة" و"العضون" من "العضيهة" وهي الكذب. واللام على هذا هاء بمنزلة "است"٤ و"سنة"٥ فيمن قال "سنهاء".

وأما قولهم: "قلة" فأمرها بينٌ لقولهم "قلوت بالقلة" إذا ضربت بها، وأصلها لما ذكرناه "قُلْوة".

وكذلك "عِزة" و"عِزُون" قياسها أن تكون في الأصل "عزوة" لأنها الجماعة، فهي من معنى "عزوت الرجل إلى أبيه" إذا نسبته إليه، وألحقته به، فهذا هو معنى الجماعة.


١ أبريت الناقة: جعلت أنفها برة. لسان العرب "١٤/ ٧١" مادة بري.
٢ لم أعثر على قائله، وقد ورد البيت في كتاب "القوافي" للأخفش "ص٧٠".
٣ الأهواء: جمع هوى وهو ميل النفس.
والعيس: الإبل.
البرا: جمع بروه وهي حلقة تكون في أنف الناقة. اللسان "١٤/ ٧١" مادة بري.
يقول: لقد تذكرت الأيام الماضية حين استعدت الإبل للرحيل.
والشاهد مجيء جمع "برة" على "برا" مما يؤكد أن المحذوف هو اللام دون غيرها.
إعراب الشاهد:
البرا: مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر.
٤ أصلها "سته" لقولهم في تصغيرها "ستيهة" وفي تكسيرها "أستاء".
٥ سنة سنهاء: شديدة لا نبات فيها ولا مطر. اللسان "١٤/ ٤٠٥" مادة/ سنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>