للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعارضْتُها رَهْوًا على متتابعٍ ... شديدِ القُصَيْرَى خارجيٍّ محنَّبِ١

فسّرُوه أنه الفرس الفائق في جنسه.

فإن قلت: فإذا كان جمعهم المؤنث بالواو والنون إنما هو تعويض منهم لما حذف منه، فما بالهم قالوا في "أرض": "أَرْضُون" ولم يحذف من "أرض" شيء، فيعوضوها منه الجمع بالواو والنون؟

فالجواب عن ذلك: أن "أرضًا" اسم مؤنث، وقد كان من القياس في كل اسم مؤنث أن يقع فيه الفرق بين المذكر بالتاء نحو "قائم وقائمة" و"ظريف وظريفة" و"رجل ورجلة" و"ثور وثورة" و"كوكب وكوكبة" و"بياض وبياضة" و"دم ودمة" و"ريح وريحة" و"ماء وماءة" وغير ذلك مما يطول ذكره، فأما ما تُرِكَتْ فيه العلامة من المؤنث فإنما ذلك اختصارٌ لَحِقَهُ لاعتمادهم في الدلالة على تأنيثه على ما يليه من الكلام قبله وبعده، نحو "هذه ريح طَيِّبَة" و"كانت لهم عُرُسٌ مُبَارَكَة" و"لم أَرَ قوسًا أحسنَ من هذه الأقواس" ونحو ذلك.

فإذا كان القياسُ في المؤنث والمذكر الفرق بينهما كما يفرق بين التصغير والتكبير، والواحد والاثنين والجماعة، وكانت "أرض" مؤنثة، فكأن فيها هاء مرادة، وكأن تقديرها "أرْضَةٌ" فلما حذفت الهاء التي كان القياس يوجبها عوضوا منها الجمع بالواو والنون، فقالوا: "أرضون"، وفتحوا الراء في الجمع ليدخل الكلمة ضرب من التكسير استيحاشًا من أن يوفوه لفظ التصحيح البتة، وليعلموا أيضًا أن "أرضًا" مما كان سبيله لو جمع بالتاء أن تفتح راؤه، فيقال: "أرَضات".

فإن قلت: فأقصى أحوال "أرض" على ما توصلت إليه أن تكون الهاء قد حذفت منها والهاء فيها بعد زائدة، وأنت إنما تعوض من المحذوف إذا كان أصلا لاما أو فاء، فكيف جاز التعويض من الزائد؟


١ رهوًا: عدوًا سهلا. لسان العرب "١٤/ ٣٤٣".
متتابع: شديد الخلق مشتبهه.
القصيري: ضلع الخلف. لسان العرب "٥/ ١٠٣" مادة/ قصر.
محنب: في الخيل ما بين الرجلين، وقيل هو اعوجاج الساقين. اللسان "١/ ٣٣٥".
والشاهد قول الشاعر "خارجي" وهو نعت تنعت به العرب كل من فاق جنسه.
إعراب الشاهد: خارجي: نعت مجرور وعلامة الجر الكسرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>