للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتى اجتمعت همزتان وانكسرت الأولى منهما قلبت الثانية ياء البتة، وكان البدل لازما، وذلك قولك: إيمان، وإيلاف١، وإيناس، وأصله: إئمان، وإئلاف، وإئناس، فقلبت الثانية ياء البتة لانكسار ما قبلها، ولم يجز التحقيق لاجتماع الهمزتين، فقس على هذا.

وقد أبدلوا الهمزة ياء لغير علة إلا طلبا للتخفيف، وذلك قولهم في "قرأت": "قريت" وفي "بدأت": "بديت" وفي "توضأت": "توضيت".

وعلى هذا قال زهير٢:

جريء متى يُظلَم يُعَاقب بظُلمِهِ ... سريعا، وإلا يُبْدَ بالظلم يَظلِمِ٣

أراد يُبدأ، فأبدل الهمزة، وأخرج الكلمة إلى ذوات الياء.

ومن أبيات الكتاب٤:

وكنتَ أذلَّ من وَتَد بقاعٍ ... يُشَجِّج رأسه بالفِهر واجي٥

يريد: واجئ، فأبدل الهمزة ياء، وأجراها مجرى الياء الأصلية. والدليل على ذلك أنه جعلها وصلا لحركة الجيم؛ ألا ترى أن البيت جيمي، ولو كانت الهمزة منوية عنده لم يجز أن تكون الياء وصلا كما لا يجوز أن تكون الهمزة المرادة المنوية وصلا.


١ وإيلاف: من يؤلفون أي يهيئون ويجهزون. اللسان "٩/ ١٠" مادة/ ألف.
٢ البيت من معلقة زهير. انظر ديوانه "ص٢٤".
٣ جريء: مقدم من قوم أجرئاء بهمزتين، عن اللحياني. اللسان "١/ ٤٤" مادة/ جرأ.
يقول: وهو شجاع متى ظلم عاقب الظالم بظلمه سريعا وإن لم يظلمه أحد ظلم الناس إظهارا لحسن بلائه، والبيت من صفة أسد في البيت الذي قبله وعني به حصينا ثم أضرب عن قصته، ورجع إلى تقبيح صورة الحرب والحث على الصلح.
والشاهد فيه "يبد" فأصلها "يبدأ" حيث قلبت الهمزة ياء للتخفيف. وحذفت بجزم مقدر، وتقديره "وإلا إن يبد بالظلم يظلم".
٤ البيت لعبد الرحمن بن ثابت من قصيدة هجاء. انظر/ الكتاب "٢/ ١٧٠".
٥ الفهر: حجر ناعم صلب يسحق به الصيدلي الأدوية.
الواجي: دق عنقه. اللسان "١/ ١٩٠" مادة/ وجأ
والشاهد فيه "واجي" حيث أبدل الهمزة ياء وأصلها "واجئ" وأجراها مجرى الياء الأصلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>