للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: ما تنكر أن تكون هذه الأسماء نكرة لدخول لام المعرفة عليها، وذلك قولك: الثلاثة نصف الستة، والسبعة تعجِز عن الثمانية بواحد؟

فالجواب: أنه قد ثبت أن هذه الأسماء التي للعدد معروفة المقادير، فهي على كل حال معرفة، وأما نفس المعدود فقد يجوز أن يكون معرفة ونكرة، فأما إدخالهم اللام على أسماء العدد فيما ذكره السائل نحو: الثمانية ضعف الأربعة، والاثنان نصف الأربعة، فإنه لا يدل على تنكير هذه الأسماء إذا لم تكن فيها لام، وإنما ذلك لأن هذه الأسماء يعتقب عليها تعريفان: أحدهما العلم، والآخر اللام.

ونظير ذلك قولك: لقيته فَينة والفَينة، وقالوا للشمس: "إلاهة" و"الإلاهة"، وقالوا للمنية: "شَعوب" و"الشعوب"، ولهذا نظائر، فكما أن هذه الأسماء لا يدل دخول اللام عليها على أنها إذا لم تكن فيها فهي نكرات، فكذلك أيضًا "أربعة" و"الأربعة" و"خمسة" و"الخمسة" هو بمنزلة "فينة" و"الفينة" و"إلاهة" و"الإلاهة"، أنشدنا أبو علي، ورويناه أيضًا عن قطرب من غير جهته:

تَرَوحنا من اللعباء قَصرا ... وأعجلنا إلاهةَ أن تَؤوبا١

ويروى: الإلاهة، فاعرف هذا فإنه لطيف.

فإذا ثبت بما قدمناه أن حروف المعجم أصوات غير معربة، وأنها نظيرة الحروف نحو "هل" و"لو" و"من" و"في" لم يجز أن يكون شيء منها مشتقا ولا مُصرّفا، كما أن الحروف ليس في شيء منها اشتقاق ولا تصريف، وقد تقدم القول على ذلك في حرف الألف. فإذا كان ذلك كذلك فلو قال لك قائل: ما وزن "جيم" أو "طاء" أو "كاف" أو "واو" من الفعل؟ لم يجز أن تمثل ذلك له، كما لا يجوز أن تمثل له "قد" و"سوف" و"لولا" و"كيلا"، فأما إذا نقلت هذه الحروف إلى حكم الأسماء بإيقاعها مواقعها من عطف أو غيره، فقد نقلت إلى مذاهب الاسمية، وجاز فيها تصريفها وتمثيلها وتثنيتها وجمعها والقضاء على الفاتها وياءاتها، إذ قد صارت إلى حكم ما ذلك جائز فيه غير ممتنع منه.


١ البيت في اللسان مادة "أله" و"١٣/ ٤٦٨" ينسب إلى مية بنت أم عتبة بن الحارث، وبغير نسب في الجمهرة "١/ ٣١٦"، ونسب في معجم البلدان إلى مية "٥/ ١٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>