للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الفصل هو الذي يلطف١ فيه النظر، ويحتاج إلى بحث وتأمل، ونحن نقول في ذلك مما رويناه ورأيناه ما يوفق الله تعالى له إن شاء الله، وبه الثقة.

اعلم أن هذه الحروف تأتي على ضربين:

أحدهما: ما هو ثنائي، والآخر: ثلاثي.

ونبدأ بذكر الثنائي لأنه أسبق في مرتبة العدة، وذلك: با تا ثا حا خا را طا ظا فا ها يا، وأما الزاي فللعرب فيها مذهبان: منهم من يجعلها ثلاثية، فيقول: زاي، ومنهم من يجعلها ثنائية، فيقول: زي، وسنذكرها على وجهيها.

وقد حكي فيها "زاء" ممدودة ومقصورة.

وأما الألف التي بعد اللام في قولك "لا" فقد ذكرنا حالها لم دخلت اللام عليها، وأن ذلك إنما لزمها لما كانت لا تكون إلا ساكنة، والساكن لا يمكن ابتداؤه، وأنها دعمت باللام من قبلها توصلا إلى النطق بها، ولم يمكن تحريكها فينطق بها في أول الحرف، ويزاد عليها غيرها كما فعل ذلك بجيم قاف لام، وغير ذلك مما تجد لفظه في أول اسمه، فلم يكن بد في إرادة اللفظ بها من حرف تدعم به أمامها، واختيرت لها اللام دون غيرها لما ذكرناه في حرف الألف.

فأما ما كان على نحو: با تا حا طا، فإنك متى أعربته لزمك أن تمده، وذلك أنه على حرفين الثاني منهما حرف لين، والتنوين يدرك الكلمة، فتحذف الألف لالتقاء الساكنين، فيلزمك أن تقول: هذه طا يا فتى، ورأيت طا حسنة، ونظرت إلى طا حسنة، فيبقى الاسم على حرف واحد، فإن ابتدأته وجب أن يكون متحركًا، وإن وقفت عليه وجب أن يكون ساكنًا، فإن ابتدأته ووقفت عليه جميعًا وجب أن يكون ساكنًا متحركًا في حال، وهذا ظاهر الاستحالة.

فأما ما رواه سلمة عن الفراء عن الكسائي فيما أخبرنا به أبو بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى من قول بعضهم: "شربت ما" بقصر "ماء"، فحكاية شاذة لا نظير لها، ولا يسوغ قياس غيرها عليها.


١ يلطف: يصغر ويدق. اللسان "٩/ ٢١٦" مادة/ لطف.

<<  <  ج: ص:  >  >>