الموضع الثالث من الأبحاث: في الباء وتأخير متعلقها، قولهم: إن الحصر هنا حصر إفراد وقصره لا قصر قلب، ورجحه أساطينهم بأن المشركين إنما اعتقدوا الشركة لآلهتهم لا الاستقلال، فالحصر باعتبار معتقدهم حصر إفراد، قالوا وأكثر الكفار اعتقدوا الشركة لآلهتهم لا الاستقلال، فمعنى التسمية عند الموحد إفراده بالاستعانة عما عبد معه من الآلهة، وعلى القول بأن الاختصاص والحصر للقلب إنما يتجه باعتبار معتقد من يدعي الاستقلال لمعبوده كمعطلة الصانع.
البحث الرابع في اسم الله " قولهم: إنه من أَلِهَ إلهة وألوهية، فهو إله فعّال، بمعنى مفعول بمعنى عبد يعبد عبادة، والمستعين بغير الله متأله عابد، لاسيما فيما لا يقدر عليه إلا الله، وإذا ثبت أن الاستعانة تأله وأن التأله عبادة فالبرهان قائم على أن العبادة لا يستحقها غير الله تعالى.
الخامس: قول ابن عباس وتفسيره للاسم الشريف الأقدس بأنه ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين. وقد أخذه المفسرون وقرروه واستحسنوه، فإذا كان تعالى هو صاحب ذلك ومستحقه فصرفه إلى غيره شرك، وصرف للحق في غير موضعه وهذا يدخل فيه جميع العبادات التي يصدق عليها التأله والألوهية والعبادة والعبودية لاسيما الدعاء فإنه من أجل أنواعه.
قال الإمام البخاري في (كتاب الإيمان) من صحيحه: باب دعاؤكم إيمانكم، وساق حديث ابن عمر. وكثيراً ما يترجم بما صح عنده ولم يكن على شرطه.
السادس: قولهم في اسمه الرحمن أنه الموصوف بغاية الرحمة ومنتهاها، وأنه وصف ذات لا ينفك عنه كسائر أوصافه المقدسة الذاتية، ودعاء غير الموصوف بهذا الوصف وقصده من دونه والتعرض للوسائط والشفعاء سوء ظن بصفات كماله ونعوت جلاله، وإنما دعا إلى عبادته ودعائه والاستعانة به بما اتصف به من الصفات المقدسة، والنعوت الكاملة الجميلة، واستدلوا على ذلك بقول الخليل عليه السلام لقومه:{فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ١ قالوا: أي فما