للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه غير مخلوق، لا يستعيذ إلا بالله أو بصفة من صفاته.

وجاءت الاستعاذة في هاتين السورتين باسم الرب والملك والإله، وجاءت الربوبية فيها مضافة إلى الفلق وإلى الناس، ولا بد من أن يكون بين ما وصف به نفسه في هاتين السورتين مناسبة، وقد قررنا في مواضع متعددة أن الله سبحانه يدعى بأسمائه الحسنى، فنسأل لكل مطلوب باسم يناسبه ويقتضيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هاتين السورتين أنه ما تعوذ المتعوذون بمثلهما، ولا بد أن يكون الاسم المستعاذ به مقتضياً للمطلوب، وهو دفع الشر المستعاذ منه أو رفعه، وإنما يتقرر هذا بالكلام في الفصل الثالث، وهو الشر المستعاذ منه، فبه تتبين المناسبة المذكور ة.

وذكر في الفصل الثالث أنواع الشرور المستعاذ منها في هاتين السورتين، وأطنب في بيان ذلك، وأتى بالعجب العجاب.

والمقصود؛ أن كلتا السورتين تدلان على أن الملجأ والمعاذ هو الله تعالى، فمن استغاث بمخلوق ملكاً كان أو نبياً أو ولياً فقد التجأ إليه، ومن التجأ إليه في طلب ما لا يقدر عليه أحد إلا الله فقد عبده، لأن الدعاء مخ العبادة، ومن عبد غير الله فقد أشرك، والآيات القرآنية في هذا الباب كثيرة، وقد ذكرنا فيما سبق بعضاً منها، ومن قرأ القرآن وتدبر معناه تحقق ذلك.

وأما ما ورد من السنة النبوية فهو البحر الذي لا ساحل له، فقد كان صلى الله عليه وسلم خصماً للمشركين، وعدوا للكافرين، وقد بعثه الله تعالى لمحق ما كان عليه أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>