للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب الإشارة في تفسير قوله تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى} ١ وهي الشهوات الدانية واللذات الفانية، ويجعلون ما ورثوه ذريعة إلى أخذ ذلك: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} ٢ ولا بد، لأنا واصلون كاملون، وهذا حال كثير من متصوفة زماننا، فإنهم يتهافتون على الشهوات تهافت الفراش على النار، ويقولون إن ذلك لا يضرنا لأنا واصلون، وحكي عن بعضهم أنه يأكل الحرام الصرف، ويقول: إن النفي والإثبات يدفع ضرره، وهو خطأ فاحش وضلال بين، أعاذنا الله تعالى وإياكم من ذلك، وأعظم منه اعتقاد حل أكل مثل الميتة من غير عذر شرعي لأحدهم، ويقول كل منا بحر والبحر لا ينجس، ولا يدري هذا الضال أن من يعتقد ذلك أنجس من الكلب والخنزير، ومنهم من يحكي عن بعض الكاملين المكملين من أهل الله تعالى ما يؤيد به دعواه، وهو كذب لا أصل له، وحاشا ذلك الكامل مما نسب إليه. انتهى.

وقال الزمخشري عند الكلام على قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه} ٣. ما نصه: "محبة العباد لربهم طاعته وابتغاء مرضاته، وأن لا يفعلوا ما يوجب سخطه وعقابه، ومحبة الله تعالى لعباده أن يثيبهم أحسن الثواب على طاعتهم، ويعظمهم ويثني عليهم ويرضى عنهم، وأما ما يعتقده أجهل الناس وأعداهم للعلم وأهله وأمقتهم للشرع وأسوؤهم طريقة، وإن كانت طريقتهم عند أمثالهم من الجهلة والسفهاء شيئاً وهم الفرقة المفتعلة المنفعلة من الصوف، وما يدينون به من المحبة والعشق والتغني على كراسيهم خربها الله تعالى، وفي مراقصهم عطلها الله تعالى بأبيات الغزل المقولة في المردان الذين يسمونهم شهداء، وصعقاتهم التي أين منها صعقة موسى عليه السلام، ثم دك الطور فتعالى الله عنه علواً كبيراً، ومن كلماتهم كما أنه بذاته يحبهم، كذلك


١ سورة الأعراف: ١٦٨- ١٦٩.
٢ سورة الأعراف: ١٦٩.
٣ سورة المائدة: ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>