للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحبون ذاته، فإن الهاء راجعة إلى الذات، دون النعوت والصفات، ومنها الحب شرطه أن تلحقه سكرات المحبة، ولو لم يكن ذلك لم تكن فيه حقيقة" انتهى كلامه.

وهؤلاء الطائفة الذين تسموا بالصوفية غاصبين له عن أهله، وقد ارتكبوا ما نقل الإمام عنهم، بل وزيادة أضعاف أضعافه مما نعلمه من هذه الطائفة في زماننا، وذلك لا ينافي حال المتسمين به حقيقة، ولا يؤاخذ الصالح بالطالح، ولا يضرب رأس البعض بالبعض، ولا تزر وازرة وزر أخرى.

ثم إنه من المعلوم أن ما يقرأه الناس اليوم من العلوم العقلية أخذت من كتب اليونان بعد أن ترجمت بأمر المأمون الخليفة العباسي، فمن أين ساغ لمن أسندها في الإجازات الكاذبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن ميكائيل عن إسرافيل عن عزرائيل عن اللوح عن القلم كما ذكره النبهاني الكاذب في إسناده؟ وعلوم اليونان كلها خطأ وضلال وبهتان كما ظهر ذلك للعيان عند من مارس فنون الفلاسفة المتأخرين، فكيف تسند إلى من لا ينطق عن الهوى؟ وهكذا حكم الطرائق المبتدعة، فهي من وسوسة الشيطان لا من وحي الرحمن.

وأما علم الكلام الذي هو من جملة علم المعقول المختلط مع المنقول إن كان المراد به المخالف للكتاب والسنة فهو باطل، وقد نزه الله تعالى عنه من ذكره النبهاني في سند إجازته التي أجازه فيها شيوخه بالعلوم والطريقة، ولم يكن في الصحابة والتابعين أحد يستدل على حدوث العالم بحدوث الأجسام، ويثبت حدوث الأجسام بدليل الأعراض والحركة والسكون، والأجسام مستلزمة لذلك لا تنفك عنه، وما لا يسبق الحوادث فهو حادث، ويبني ذلك على حوادث لا أول لها، بل أول ما ظهر هذا الكلام في الإسلام بعد المائة الأولى من جهة الجعد بن درهم والجهم بن صفوان، ثم صار إلى أصحاب عمرو بن عبيد، كأبي الهذيل العلاف وأمثاله. وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء إنما كانا يظهران الكلام في إنفاذ الوعيد، وأن النار لا يخرج منها من دخلها، وفي التكذيب بالقدر، وهذا كله مما

<<  <  ج: ص:  >  >>