للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} ١.

وكل من الصحابة الذين سكنوا الأمصار أخذ عنه الناس الإيمان والدين، وأكثر المسلمين بالمشرق والمغرب لم يأخذوا عن علي شيئاً، فإنه رضي الله عنه كان ساكناً بالمدينة، وأهل المدينة لم يكونوا يحتاجون إليه إلا كما يحتاجون إلى نظرائه كعثمان في مثل قضية يشاورهم فيها عمر ونحو ذلك، ولما ذهب إلى الكوفة كان أهل الكوفة قبل أن يأتيهم قد أخذوا الدين عن سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وحذيفة وعمار وأبي موسى وغيرهم ممن أرسله عمر إلى الكوفة، وأهل البصرة أخذوا الدين عن عمران بن حصين وأبي بكرة وعبد الرحمن بن سمرة وأنس وغيرهم من الصحابة وأهل الشام أخذوا الدين عن معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت وأبي الدرداء وبلال وغيرهم من الصحابة، والعباد والزهاد من أهل هذه البلاد أخذوا الدين عمن شاهدوه من الصحابة، فكيف يجوز أن يقال: إن طريق أهل الزهد والتصوف متصل به دون غيره، وهذه كتب الزهد- مثل الزهد للإمام أحمد، والزهد لابن المبارك، ولوكيع بن الجراح، ولهناد بن السري، ومثل كتب أخبار الزهاد، كحلية الأولياء، وصفوة الصفوة، وغير ذلك- فيها من أخبار الصحابة والتابعين أمور كثيرة، وليس الذي فيها لعلي أكثر مما فيها لأبي بكر وعمر ومعاذ وابن مسعود وأبي بن كعب وأبي ذر وأبي الدرداء وأبي إمامة وأمثالهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين " انتهى كلامه.

والمقصود من نقله، أن يعلم أن ما ذكره النبهاني من الثبت باطل من وجوه:

أما أولاً: فلأن ما يعرفه من العلم الشيطاني ليس مأخوذاً بالسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن العلم الذي جاء به الرسول لا يعرفه ولا يوفق له، فإنه نور ونور الله لا يوفق له العصاة الطغاة.

وأما ثانياً: فلأن الطرايق التي انتحلها لا أصل لها، وكلها بدع وضلالات،


١ سورة النساء: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>