للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحيون ليلهم بطاعة ربهم ... بتلاوة وتضرع وسؤال

وعيونهم تجري بفيض دموعهم ... مثل انهمال الوابل الهطال

في الليل رهبان وعند جهادهم ... لعدوهم من أشجع الأبطال

وإذا بدا علم الرهان رأيتهم ... يتسابقون بصالح الأعمال

بوجوههم أثر السجود لربهم ... وبها أشعة نوره المتلالي

ولقد أبان لك الكتاب صفاتهم ... في سورة الفتح المبين العالي

وبرابع السبع الطوال صفاتهم ... قوم يحبهم ذووا إذلال

وبراءة والحشر فيها وصفهم ... وبهل أتى وبسورة الأنفال

هذا آخر ما أردنا تحريره من الرد على كتاب النبهاني المشتمل على ما يخالف الكتاب والسنة من الهذيان والوحي الشيطاني، وقد عرفناه يومه من أمسه.

وكلت للخل كما كال لي ... على وفاء الكيل أو بخسه

وكأني به إذا وقف على كتابي هذا ضاق صدره وازداد همه وكدره، وعضَّ بنان النادم الحصر حيث لا ينفعه ندمه، وهو الذي نكأ الجرح فكيف يتأوه ويتألم ويتظلم من مؤلم الجواب والبادي أظلم، ومن آثر أن يكون مقدماً معظماً وجب أن يكون مهذباً مقوماً، ومن أحب أن يكون مبجلاً مصدراً لزم أن يكون من الأفعال الدنية مطهراً، ومن رشح نفسه للأمور الجليلة صبر على الأعباء الثقيلة، ومن طمع في الأسباب العظيمة طالب نفسه باستعمال الأخلاق الكريمة، ودون المكارم مكاره لا يتلقاها إلا العود الباذل، وقبل المعالي عوال لا يغشاها إلا البطل الباسل، ومع المغانم مغارم لا يتحملها إلا الأكارم الأفاضل، وأمام العز الشامخ مذاهب لا تسلك إلا على جسر من التعب ممدود، وقدام الشرف الباذخ مراتب لا تنال إلا بمساورة أساود وأسود، وباني المجد يهون عليه أن يتجرع كؤوس الردى علاً ونهلاً، وجاني الشهد لا يبالي بأن يلقى دون اشتياره نحلاً، فأما الذي يشتهي الرياسة وهو خال من أبرارها ويتمنى الجلالة وهو سكيت في مضمارها، ويحب السيادة وهو عار عن أستارها، فبعيد عليه طريق منالها، ومستصعب له جد الارتقاء في ذرى جبالها.

<<  <  ج: ص:  >  >>