للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ضمن الله لكل من أطاع الرسول أن يهديه وينصره، فمن خالف الرسول استحق العذاب ولم يغن عنه أحد من الله شيئاً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عباس عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً" ١. وقال لمن ولاه من أصحابه: "لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، يقول: يا رسول الله أغثني! فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً؛ قد بلّغتك"٢. وكان أهل المدينة في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أهل الدنيا والآخرة، لتمسكهم بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. وصاروا رعية لغيرهم، ثم تغيروا بعض التغير فجرى عليهم عام الحرة من النهب والقتل وغير ذلك من المصائب ما لم يجر عليهم قبل ذلك، والذي فعل بهم ذلك وإن كان ظالماً متعدياً فليس هو أظلم ممن فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما فعل، وقد قال الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} ٣.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والسابقون الأولون مدفونين بالمدينة، وكذلك الشام كان أهله في أول الإسلام في سعادة الدنيا والدين، ثم جرت فتن وخرج الملك من أيديهم، ثم سلط عليهم المنافقون الملاحدة والنصارى بذنوبهم، واستولوا على بيت المقدس وقبر الخليل، وفتحوا البناء الذي كان عليه، وجعلوه كنيسة، ثم صلح دينهم فأعزهم الله ونصرهم على عدوه لما أطاعوا الله ورسوله، واتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم، فطاعة الله ورسوله هي قطب السعادة وعليها تدور: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} ٤.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: "من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن


١ أخرجه البخاري (٤٧٧١) .
٢ أخرجه مسلم (١٨٣١) .
٣ سورة آل عمران: ١٦٥.
٤ سورة النساء: ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>