للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواه لا يملك شيئاً من ذلك، كما قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} ١.

وقد فسّروها بأن يؤذن للشافع والمشفوع له جميعاً، فإن سيد الشفعاء يوم القيامة محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا أراد الشفاعة قال: "فإذا رأيت ربي خررت له ساجداً، فأحمده بمحامد يفتحها عليّ لا أحسنها الآن، فيقال لي: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، قال: فيحدّ لي حداً فأدخلهم الجنة"٢ وكذلك ذكره في المرة الثانية والثالثة.

ولهذا قال: {وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ} ٣. فأخبر أنه لا يملكها أحد دون الله. وقوله: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} استثناء منقطع؛ أي: من شهد بالحق وهم يعلمون، هم أصحاب الشفاعة، منهم الشافع، ومنهم المشفوع له. وقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة أنه قال: من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ فقال: "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت حرصك على الحديث؛ أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه" رواه البخاري٤. فجعل أسعد الناس بشفاعته أكملهم إخلاصاً، وقال في الحديث: "إذا سمعتم المؤذّن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلّوا عليّ، فإنه من صلّى عليّ مرة صلى الله عليها بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون ذلك العبد، فمن سأل الله لي الوسيلة حلّت عليه شفاعتي يوم القيامة"٥. فالجزاء من جنس العمل، فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه من صلّى عليه مرة صلى الله عليه بها عشراً، قال:


١ سورة سبأ: ٢٢- ٢٣.
٢ تقدم تخريجه.
٣ سورة الزخرف: ٨٦.
٤ برقم (٩٩) .
٥ أخرجه مسلم (٣٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>