للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ * أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} ١. ومن ظن أن أرضاً معينة تدفع عن أهلها البلاء مطلقاً بخصوصها أو لكونها فيها قبور الأنبياء والصالحين فهو غالط، فأفضل البقاع مكة وقد عذب الله أهلها عذاباً شديداً عظيماً، فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} ٢.

ومن فصول (الجواب الباهر لمن سأل من ولاة الأمر عما أفتى به في زيارة المقابر) كلام في أن الزيارة المتضمنة ترك مأمور أو فعل محظور ليست بمشروعة.

قال شيخ الإسلام- قدّس الله روحه-: "وقد تنازع المسلمون في زيارة القبور؛ فقال طائفة من السلف: إن ذلك كله منهي عنه لم ينسخ، فإن أحاديث النسخ لم يروها البخاري ولم تشتهر، ولما ذكر البخاري (باب زيارة القبور) احتج بحديث المرأة التي بكت على القبر. ونقل ابن بطال عن الشعبي قال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور لزرت قبر ابنتي. وقال النخعي: كانوا يكرهون زيارة القبور، وعن ابن سيرين مثله. قال: وقد سئل مالك عن زيارة القبور فقال: قد كان نهى عنه عليه السلام ثم أذن. فلو فعل ذلك إنسان ولم يقل إلا خيراً لم أر بذلك بأساً وليس من عمل الناس. ورُوي عنه أنه كان يضعف زيارتها. وكان النبي صلى الله عليه وسلم نهى أولاً عن زيارة القبور باتفاق العلماء؛ فقيل: لأن ذلك يفضي إلى الشرك. وقيل: لأجل النياحة عندها. وقيل: لأنهم كانوا يتفاخرون بها. وقد ذكر طائف من العلماء في قوله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} ٣ أنهم كانوا يتكاثرون بقبور الموتى وممن ذكره ابن عطية في تفسيره.

قال: وهذا تأنيب على الإكثار من زيارة القبور، أي: حتى جعلتم أشغالكم


١ سورة الملك: ٢٠- ٢١.
٢ سورة النحل: ١١٢- ١١٣.
٣ سورة التكاثر: ١- ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>