للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باسم زيارة قبره لا ترغيباً في ذلك ولا غير ترغيب، فعلم أن مسمى هذا الاسم لم يكن له حقيقة عندهم، ثم ذكر ما حكيناه عنه فيما تقدم.

ثم قال: والمقصود؛ أن هذا كله يبين ضعف حجة المفرق بين الصادر من المدينة، الوارد عليها، والوارد على مسجده من الغرباء والصادر عنه، وذلك أنه يمتنع أن يقال أنه يرد على هؤلاء ولا يرد على أحد من أهل المدينة المقيمين بها، فإن أولئك هم أفضل أمته وخواصها، وهم الذين خاطبهم بهذا، فيمتنع أن يكون المعنى من سلم منكم يا أهل المدينة لم أرد عليه ما دمتم مقيمين بها، فإن المقام بها هو غالب أوقاتهم، وليس في الحديث تخصيص، ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك.

يبين هذا؛ أن الحجرة لما كانت مفتوحة وكانوا يدخلون على عائشة لبعض الأمور فيسلمون عليه إنما كان يرد عليهم إذا سلّموا.

فإن قيل: إنه لم يكن يرد عليهم فهذا تعطيل للحديث.

وإن قيل: كان يرد عليهم من هناك ولا يرد إذا سلّموا من خارج فقد أظهر الفرق.

وإن قيل: بل هو يرد على الجميع فحينئذ إن كان رده لا يقتضي استحباب هذا السلام بطل الاستدلال به، وإن كان رده يقتضي الاستحباب وهو الآن مختص بمن سلّم من خارج لزم أن يستحب لأهل المدينة عند الحجرة كلما دخلوا المسجد وخرجوا وهو خلاف ما أجمع عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وخلاف قول المفرقين، ومن أهل المدينة من قد لا يسافر منها أو لا يسافر إلا للحج، والقادم قد يقيم بالمدينة العشر والشهر، فهذا يرد عليه عشر مرات في اليوم والليلة وأكثر كلما دخل وخرج، وذاك المدني المقيم لا يرد عليه قط في عمره ولا مرة.

وأيضاً فاستحباب هذا للوارد والصادر تشبيه له بالطواف الذي يشرع للحاج عند الورود إلى مكة- وهو الذي يسمى طواف القدوم وطواف التحية وطواف الورود- وعند الصدور- وهو الذي يسمى طواف الوداع- وهذا تشبيه لبيت

<<  <  ج: ص:  >  >>