للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من انقطع عنا خبره وما اتصل، وأحق أهل القرن الثاني عشر- عند من خبر الأمور وسبر، ووقف على ما قرره أهل العلم والأثر، من حصول الوصف الكاشف المعتبر- شيخ الإسلام والمسلمين، المجدد لما درس من أصول الملة والدين، السّلفي الأول- وإن تأخر زمانه- عند من عقل وتأمل؛ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى وأجزل له الثواب، وكان قيامه رحمه الله تعالى بعد الخمسين ومائة وألف من سني الهجرة المحمدية، وابتداء التواريخ الإسلامية، فشمر رحمه الله تعالى عن ساعدي جده واجتهاده، وأعلن بالنصح لله ولكتابه ولرسوله وسائر عباده، وصبر على ما ناقله من أعباء تلك الرتبة والدعوة، وما قصد به من أنواع المحنة والجفوة، وقرر رحمه الله تعالى أن الواقع الذي حكينا، والصنيع الذي رأينا وروينا، عن عباد القبور والصالحين، هو بعينه فعل الجاهلية الوثنيين، وهو الذي جاءت الرسل بمحوه وإبطاله، وتكفير فاعله ورد باطله ومحاله، وقال إن حقيقة دين الإسلام وزبدة ما جاءت به الرسل الكرام: هو إفراد الله تعالى بالقصد والعبادة، وإسلام الوجه له بالعمل والإرادة، وترك التعلق على الأولياء من دونه والأنداد، والبراءة من عبادة ما سواه من سائر المخلوقات والعباد، وهذا معنى كلمة الإخلاص والتوحيد، وهو الحكمة المقصودة بخلق جميع الكائنات والعبيد، وقرر رحمه الله أن مجرد الإتيان بلفظ الشهادة مع مخالفة ما دلت عليه الأصول المقررة ومع الشرك الأكبر في العبادة لا يدخل المكلف في الإسلام، إذ المقصود من الشهادتين حقيقة الأعمال التي لا يقوم الإيمان بدونها، كمحبة الله وحده، والخضوع له، والإنابة إليه، والتوكل عليه، وإفراده بالاستعانة، والاستغاثة فيما لا يقدر عليه سواه، وعدم الإشراك به فيما يستحقه من العبادات، كالذبح والنذر والتقوى والخشية ونحو ذلك من الطاعات.

واستدل لذلك بنصوص قاطعة، وبراهين واضحة ساطعة، وحكى الإجماع على ذلك عن الأئمة الفضلاء، والسادة النبلاء، من سائر أهل الفقه والفتوى، وذكر عبارة من حكى الإجماع من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، وألف في ذلك التأليف، وقرر الحجة وصنف التصانيف، وقد عارضه من الغلاة المارقين، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>