للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد سماه "شن الغارة على من أنكر سفر الزيارة" ثم زعم أنه اختار أن يسميه (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) فوجدت كتابه مشتملاً على تصحيح الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وتقوية الآثار الواهية والمكذوبة، وعلى تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة، والآثار القوية المقبولة وتحريفها عن مواضعها، وصرفها عن ظاهرها، بالتأويلات المستنكرة المردودة.

ثم أخذ يصف المؤلف ويترجم أحواله، فقال: ورأيت مؤلف هذا الكتاب المذكور رجلاً ممارياً معجباً برأيه، متبعاً لهواه، ذاهباً في كثير مما يعتقده إلى الأقوال الشاذة، والآراء الساقطة، صار في أشياء مما يعتمده إلى الشبه المخيلة، والحجج الداحضة، وربما خرق الإجماع في مواضع لم يُسْبَقْ إليها، ولم يوافقه أحد من الأئمة عليها، وهو في الجملة لون غريب وبناء عجيب، تارة يسلك فيما ينصره ويقويه مسلك المجتهدين فيكون مخطئاً في ذلك الاجتهاد، ومرة يزعم فيما يقوله ويدّعيه أنه من جملة المقلدين فيكون من قلده مخطئاً في ذلك الاعتقاد، نسأل الله سبحانه أن يلهمنا رشدنا ويرزقنا الهداية والسداد، هذا مع أنه إن ذكر حديثاً مرفوعاً أو أثراً موقوفاً- وهو غير ثابت- قبله إذا كان موافقاً لهواه، وإن كان ثابتاً رده إما بتأويل أو غيره إذا كان مخالفاً لهواه، وإن نقل عن بعض الأئمة الأعلام- كمالك وغيره- ما يوافق رأيه قبله وإن كان مطعوناً فيه غير صحيح عنه، وإن كان مما يخالف رأيه رده ولم يقبله؛ وإن كان صحيحاً ثابتاً، وإن حكى شيئاً مما يتعلق بالكلام على الحديث وأحوال الرواة عن أحد من أئمة الجرح والتعديل- كالإمام أحمد بن حنبل وأبي حاتم الرازي، وأبي حاتم البستي، وأبي جعفر العقيلي، وأبي أحمد بن عدي، وأبي عبد الله الحاكم صاحب "المستدرك"، وأبي بكر البيهقي، وغيرهم من الحفاظ، وكان مخالفاً لما ذهب إليه- لم يقبل قوله ورده عليه وناقشه فيه، وإن كان ذلك الإمام قد أصاب في ذلك القول ووافقه غيره من الأئمة عليه، وإن كان موافقاً لما صار إليه تلقاه بالقبول واحتج به واعتمد عليه، وإن كان ذلك الإمام قد خولف في ذلك ولم يتابعه غيره من الأئمة عليه، وهذا هو عين الجور والظلم وعدم القيام بالقسط، نسأل الله التوفيق ونعوذ به من

<<  <  ج: ص:  >  >>