للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك برضا صديق حسن عنه وطائفته الوهابية فهذا هو ربحه من تلبيسه على المسلمين بهذا الكتاب، وتوهيمهم أن ما عليه ابن تيمية وطائفته من البدعة الشنيعة في مسألة الزيارة والاستغاثة وغيرهما مما خالفوا به أهل السنة هو الحق، وتطاوله على أئمة المسلمين مثل السبكي وابنه وابن حجر، إلى قوله: هذا لعمري مما لا يختاره عاقل لأخيه فضلاً عن نفسه وأبيه.

فيقال للنبهاني: هذا مبلغ علمك، دأبك تكرير هذيانك، وقد أجبنا عن ذلك كله في غير موضع من هذا الكتاب، مع كونه صرير باب، أو طنين ذباب، بل إنه أشبه شيء بنبح الكلاب، وقلنا: إنه لم بحكم على من ذكرهم بحكم، بل نقل ما كان بين الفريقين وما ذكره أهل العلم الأكابر وأئمة المسلمين في المسائل التي تنازعوا فيها، ولو لم يصنف صاحب "جلاء العينين" كتابه هل كانت تبقى تلك المسائل مجهولة لأهل العلم والأفاضل المدققين، ألم تكن هذه المسائل مفصلة في الكتب ومذكورة فيها على أتم وجه؟ هذا كتاب "القول الجلي" الذي صنفه السيد صفي الدين قبل أن يخلق صاحب "جلاء العينين" بمدة من السنين قد اشتمل على جميع ما اشتمل عليه "جلاء العينين" إجمالاً. وكذلك "الدرة المضية" وكذلك "الرد الوافر" للحافظ ابن ناصر الدين الشافعي، وكذلك "إفاضة العلام" من مصنفات الشيخ إبراهيم الكوراني "ومسلك السداد" له، إلى غير ذلك من الكتب المصنفة في هذا الباب قديماً وحديثاً، فلم لم يذكر النبهاني تلك الكتب ومصنفيها، وما الذي حمله أن يتخذ "جلاء العينين" ومصنفه سبابة المتندم وأكثر عليه الهياط والمياط، حتى يتخيل للناظر في كلامه هذا أن السماء انفطرت، وأن الكواكب قد انتثرت، وأن القبور بعثرت، وأن الوحوش حشرت، فما هذه المسائل التي ذكرها مصنف "جلاء العينين" وقد قامت على النبهاني منها قيامته الكبرى؟ وما أهمية زيارة القبور والاستغاثة بالموتى حتى يقام لها ويقعد، ويهاج ويعربد؟ وما أرى ذلك إلا من مزيد الحسد، ولله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله، ومن الحري أن ينشد على لسان صاحب "جلاء العينين":

إن يحسدوني فإني غير لائمهم ... قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا

<<  <  ج: ص:  >  >>