للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدام لي ولهم ما بي وما بهم ... ومات أكثرنا غيظاً بما يجد

ثم إن قوله ومن طالع كتابه هذا بإنصاف يعلم يقيناً أنه أخطأ فيه.. إلخ.

مردود؛ فقد طالعه كثير من أهل الفضل المنصفين فاستصوبوه، وأثنوا عليه، وعرفوا الحق الذي فيه، وحسنوا ظنهم بأئمة المسلمين وخيار المؤمنين، ودعوا له ولوالديه ولمن نشر كتابه، واستفادوا الفوائد التي لم يكونوا عارفين بها ولا واقفين عليها، وعدوا ذلك خدمة للمسلمين عموماً ولسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم خصوصاً، حيث ذب عن دينه وشريعته الغراء ما كدر صفوها، وأماط الأذى عنها، وقالوا كما قال الإمام أحمد نصر الله وجهه١: " الحمد لله الذي جعل في كل زمان قترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدّعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله عز وجل الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلين" انتهى.

فانظر أيها المنصف إلى وصف الجاهلين الذي في هذه الخطبة، وطبقه على ما يقوله النبهاني تجد الإمام نضر الله وجهه كأنه قد عناه وقصده بلفظه ومعناه، وفي الحديث: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله"٢.

وإني قد طالعت كثيراً من كتب هؤلاء الغلاة الجهلة ولم أر فيها كالهذيان الذي هذى به هذا الزائغ، ومع ذلك رددتها بتوفيق الله، وشفيت منها صدور المؤمنين، وكلام هذا الزائغ ظلمات بعضها فوق بعض، فكل ما كتبته عليه من الرد


١ في مقدمة كتاب "الرد على الزنادقة والجهمية".
٢ تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>