للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف يجوز أن يقدم على رمي عالم بالفسق أو الكفر ولم يكن فيه ذلك وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يرمي رجل رجلاً بالفسق أو الكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك" ١، ثم كيف يجوز الإقدام على سب الأموات بغير حق وهو محرم، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا"٢. وكيف يجوز أذى المؤمن بغير حق والله تعالى يقول: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} ٣ وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه"٤.

فالواجب على من أقدم على رمي هذا العالم بما ليس فيه الرجوع إلى الله تعالى، والإقلاع عما صدر منه، ليحوز الأجر الجزيل بالقصد الجميل، وإن اطلع على أمر يحتمل التأويل فلا يقطع بما يخالف ذلك التأويل بغير دليل، وإن صح عنده أمر جازم عنه يقتضي إنكاره فينكره قاصداً للنصيحة، ولا يهضم مقام الرجل مع شهرته بالعلم والفضل والتصانيف والفتاوى التي سارت بها الركبان، والله تعالى يحفظنا من الخطأ والخطل، ويحمينا من الزيغ والزلل، والحمد لله رب العالمين، وكتب في اليوم الموافق ليوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم، يوم الاثنين ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة ٨٣٥".

ومنهم الإمام العلامة قاضي القضاة عبد الرحمن التفهني الحنفي عليه الرحمة، كان علامة عصره، وفهامة مصره، أتقن علوم الدين، وعلم حقائق


١ أخرجه أحمد (٥/ ١٨١) أو (٢١٦٥٤) بهذا اللفظ. ونحوه عند البخاري (٣٥٠٨، ٦٠٤٥) ومسلم (٦١) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
٢ أخرجه البخاري (١٣٩٣) .
٣ سورة الأحزاب: ٥٨.
٤ أخرجه البخاري (١٠) ومسلم (٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>