للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقه أنه شيخ الإسلام فهو كافر، فهذه مقالة تقشعر منها الجلود، وتذوب لسماعها القلوب، ويضحك إبليس اللعين عجباً بها ويشمت، وتنشرح أفئدة المخالفين وتتثبت، ثم يقال له: لو فرضنا أنك اطلعت على ما يقتضي هذا في حقه فما مستندك في الكلام الثاني، وكيف تصح لك هذه الكلية المتناولة لمن سبقك ولمن هو آت بعدك إلى يوم القيامة، وهل يمكنك أن تدّعي أن الكل اطلعوا على ما اطلعت عليه، وهل هذا إلا استخفاف بالأحكام، وعدم مبالاة ببني الأيام، والواجب أن يطلب هذا القائل ويقال له لم قلت وما وجه ذلك؟ فإن أتى بوجه يخرج به شرعاً من العهدة فبها، وإلا برح تبريحاً يردع أمثاله عن الإقدام على أعراض المسلمين، وكتبه محمد بن أحمد البساطي المالكي عفا الله عنه، والحمد لنه وحده، وذلك سنة خمس وثلاثين وثمانمائة من الهجرة".

ومنهم الإمام الحافظ سراج الدين أبو حفص عمر بن علي البزار عليه الرحمة، وهو أحد الأئمة الذين تبوؤا قمة الجوزاء، وبلغت شهرتهم في علو الدرجة إلى السماء، فضله السلسبيل، والبحر الطويل، والأصيل ابن الأصيل، الذي ترك عبد الحميد في أبيجاد، والحريري في حومة الأولاد، وابن العميد ساقط العماد، الجامع بين الرقة واللطافة، والنزاهة والظرافة، وبدائع الأفكار، ودقائق الأنظار، والمعاني الرائقة، والنكات الفائقة، مع فصاحة تخرس لها الألسان طوع القلم، وسبح طويل ببحر القرطاس تقف بساحله الأمم، وبلاغة يتحلى بها جيد الدهر، ويتمنطق بها خصر العصر، وكان له من المصنفات ما تجاوز العد، وقد جمعت حسن السبك، وسهولة العبارة، والفوائد العجيبة، وهي في فنون مختلفة، ومنها كتاب أفرده في مناقب شيخ الإسلام، وعلم الأعلام، أبي العباس تقي الدين ابن تيمية، أودع فيه من مناقب ذلك الإمام ومزاياه ومآثره ما لم يجتمع في كتاب، وأتى فيه بالعجب العجاب بل بفصل الخطاب، وذلك من آيات إنصافه وإذعانه للحق، وقلما يتفق ذلك لأهل العلم وغالبهم من تحمله عصبية رجال مذهبه على الميل عن الحق والإضراب عنه، كما كان من السبكي وابنه وابن حجر، غير أن الله سبحانه وتعالى خص هذه الأمة بخصائص، منها أنها لا تجتمع

<<  <  ج: ص:  >  >>