على ضلالة، وذلك مما استوجبت به أن تكون خير أمة أخرجت للناس وقد لخص بعض أبواب هذا الكتاب الشيخ مرعي الحنبلي في كتاب مناقب شيخ الإسلام، وسنذكره إن شاء الله تعالى.
ومنهم أوحد الأدباء وشيخ الفضلاء شهاب الدين أحمد العمري الشافعي عليه الرحمة، كان فائقاً في عصره على الأقران، بما حواه من الأدب والعرفان، بل هو ملك أنس تكونت ذاته من نور، وفلك فضل على قطب الكمال يدور، تألقت في سماء المعالي كواكبه وزاحمت العيوق من غير عائق مناكبه في وتناولت عنقود الثريا سواعده، وتأسست فوق المجرة قواعده، فرفع من العلوم منارها، وقدح زند فكره بصوانة البلاغة فأورى نارها، وبزغ قمر كماله من فلك الفصاحة، ونبع غصن نجابته من دوحة الكرم والسماحة، ودأب في طلب العلوم فأحرز منها ما أحرز، ووشى حواشي مطول فضله بمعاني بديع بيانه وطرز، وغاص فكره بقاموس العلوم فاستخرج من عباب المنطوق والمفهوم أصداف فوائد ملئت بصحاح الجواهر، وقلدها في نحور الطالبين فأفحم بمعجز البراهين كل مباحث ومناظر، هو تحفة للناظرين، وروضة للطالبين وغنية للمبتدئين، وهو الفقيه الذي ليس له أشباه ولا نظائر، والبليغ الذي يشهد المسامر أنه الزاخر، تقر له بالإعجاز الصدور والإعجاز، فتحريره الروض الرائق، وفكره كنز الدقائق، وتقريره الدر المختار، وتعبيره تنوير الأبصار، وحكاياته ربيع الأبرار، والمحدث الذي ألحق الأحفاد بالأجداد، وأتى من فنون الإسناد ما سلسل به الرواية فملأ بروايته الورّاد، قام على أقدام التحقيق، وأبرز عرائس المخدرات من خدور التدقيق.
بدا والعلم ليس له عيون ... فأجراها ونورها أناسي
وأبدع في مباحثه فنوناً ... رأيناهن واضحة القياس
فهو الذي رفأ خرقه وأشع في سحابه برقه، وأصدح على أفنانه ورقه، فمنار الإيمان بهدايته في إيضاح، ومشكاة الرواية في رأيه ذات مصباح، وليالي المحابر مشرقة من شمس، ومعارفه بصباح، وأعناق المشكلات بصوارم ذهنه مجزومة، وكتائب المعضلات بسمر أقلام كتبه مهزومة، ورياض العلوم به زاهرة،