وقد تلقى كتابه هذا علماء عصره بالقبول، وقرظوه وأثنوا عليه بالثناء الجميل، وذكروا أن ما فيه هو الحق الذي قام عليه البرهان والدليل، وممن قرظه الإمام العلامة الشيخ عبد الرحمن الشافعي الدمشقي الشهير بالكزبري عليه الرحمة فقال بعد الخطبة:"أما بعد؛ فقد اطلعت على هذا الجزء الشريف، وسرحت طرفي في رياض روضه المنيف، فرأيته بديعاً جامعاً لفصل القول وخطابه، معرفاً بسناء مقام الشيخ شيخ الإسلام، أحد سلاطين المحدثين الأعلام، من أذعن لغزارة علمه الموافق والمخالف، واعترف بتحقيقه وسعة إطلاعه من هو على مؤلفاته واقف، الإمام ابن تيمية أحمد تقي الدين، وأنه ممن دان بسيرة السلف الصالحين، منزه عن سوء الاعتقاد وزيغ العقيدة، سالكاً لطريقة السلف الحميدة، وأن ما يعزى إليه من بعض المخالفات في الأصول والابتداع هو منه بريء، كما يصرح به النقل من كلامه في مشهور مؤلفاته الدال على أنه بموافقة أهل السنة حري، وما يعزى إليه من المخالفات في بعض الفروع والطعن في السادة الصوفية أولي الشأن العلي فذلك مما لا نوافقه عليه، ولا نسلم شيئاً من ذلك إليه، كما حقق جميع ذلك وحرره سيدنا مؤلف القول الجلي والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وكتبه تراب أقدام أهل الحديث الشريف النبوي عبد الرحمن الشافعي الدمشقي الشهير بالكزبري عفا الله عنه وختم له بالحسنى سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف من الهجرة".
وممن قرظه أيضاً الإمام العلامة الشيخ محمد التافلاني مفتي الحنفية بالقدس الشريف رحمه الله قال بعد خطبته البليغة: "وبعد؛ فقد وقفت على هذا القول الجلي في ترجمة تقي الدين ابن تيمية الحنبلي فودجته قولاً جلياً، وصراطاً سوياً، قد نبذ مؤلفه التعصب ظهرياً، فمن يهز نخلاته تساقط عليه رطباً جنياً، ومن ضرب عنه كشحاً يقول لمؤلفه لقد جئت شيئاً فرياً.
كلا لقد سلك مولانا صفي الدين ما يستعذبه العارفون، ومحجته بيضاء نقية لا يعقلها إلا العالمون، والخطأ في ابن تيمية معلوم، ولا ينجو منه إلا معصوم،