وهو على ما في كتاب "خلاصة الأثر" العلامة المحبي مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي- نسبة لطور كرم قرية بقرب نابلس- ثم المقري، أحد أكابر العلماء من حنابلة مصر، كان إماماً محدثاً فقيهاً، ذا اطلاع واسع على نقول الفقه ودقائق الحديث، ومعرفة تامة بالعلوم المتداولة، أخذ عن الشيخ محمد المرداوي، وعن القاضي يحيى الحجاوي، ودخل مصر وتوطنها، وأخذ بها عن الشيخ الإمام محمد الحجاوي الواعظ، والمحقق أحمد الغنيمي، وكثير من المشائخ المصريين، وأجازه شيخه فتصدر للإفتاء والتدريس في جامع الأزهر، ثم تولى المشيخة في جامع السلطان حسن، ثم أخذها منه عصريه العلامة إبراهيم الميموني، ووقع بينهما من المعارضات ما يقع بين الأقران، وألّف كل منهما في الآخر رسائل، وكان منهمكاً على العلوم انهماكاً كلياً، فقطع زمانه بالإفتاء والتدريس والتحقيق والتصنيف، فسارت بتآليفه الركبان، ومع كثرة أضداده وأعدائه ما أمكن أن يطعن فيها أحد، ولا نظر بعين الأزراء إليها، ثم إن المترجم عد له من المصنفات نحم سبعين كتاباً في فنون شتى، قال: وله غير ذلك من فتاوى ومسائل نافعة يتداولها الناس، وكان في فن النظم والنثر آية، وكتابه بديع الإنشاء والصفات في المكاتبات والمراسلات، يشهد له بطول باعه في ذلك، وله ديوان شعر منه قوله:
يا ساحر الطرف يا من مهجتي سحراً ... كم ذا تنام وكم أسهرتني سحرا
لو كنت تعلم ما ألقاه منك لما ... أتعبت يا منيتي قلباً إليك سرى
هذا المحب لقد ساءت صبابته ... بالروح والنفس قوماً بالوصال سراً
يا ناظري ناظري بالدمع جاد وما ... أبقيت في مقلتي يا مقلتي نظرا
يا مالكي قصتي جاءت ... ملطخة بالدمع يا شافعي كذبتها نظرا
عساك بالحنفي تسعى على عجل ... بالوصل للحنبلي يا من بدا قمرا
يا من جفا للغير موعده ... يا من ويا من عقلنا قمرا
الله منصفنا بالوصل منك على ... غيظ الرقيب بمن قد حج واعتمرا
وكانت وفاته بمصر في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وألف رحمة الله