للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشهبه ولو كبا، أو الشافعي لقال ليت هذا كان للأم ولداً وليتني كنت له أباً، أو الشيباني ابن حنبل لما لام عذاره إذ غدا منه لفرط العجب أشيبا، لا بل داود الظاهري وسنان الباطني لظنا تحقيقه من منتخله، وابن حزم والشهرستاني لحشر كل منهما ذكره في نحله، أو الحاكم النيسابوري والحافظ السِّلفي لأضافه هذا إلى مستدركه وهذا إلى رحله، ترد إليه الفتاوى ولا يردها، وتفد عليه فيجيب عنها بأجوبة كأنه كان قاعداً لها يعدها.

أبداً على طرف اللسان جوابه ... فكأنما هي دفعة من صيب

وكان من أذكى الناس، كثير الحفظ قليل النسيان، قلما حفظ شيئاً فنسيه، وكان إماماً في التفسير وعلوم القرآن، عارفاً بالفقه واختلاف الفقهاء والأصوليين، والنحو وما يتعلق به، واللغة والمنطق وعلم الهيئة، والجبر والمقابلة وعلم الحساب، وعلم أهل الكتابين وأهل البدع وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية، وما تكلم معه فاضل في فن من الفنون إلا ظن أن ذلك الفن فنه، وكان حفظه للحديث مميزاً بين صحيحه وسقيمه١، عارفاً برجاله، فتضلعاً من ذلك، وله تصانيف كثيرة، وتعاليق مفيدة، وفتاوى مشبعة في الفروع والأصول والحديث، ورد البدع بالكتاب والسنة. وأطال في ترجمة الشيخ رحمه الله تعالى فاقتصرنا على ذلك خوف التطويل.

وقال الشيخ الإمام الحافظ سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن موسى البزار في كتابه "الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية": أما غزارة علومه فمعرفته بعلوم القرآن المجيد واستنباطه لدقائقه ونقله لأقوال العلماء في تفسيره واشتهاره بدلائله وما أودعه الله تعالى فيه من عجائبه وفنون حكمه وغرائب نوادره وباهر فصاحته وظاهر ملاحته فإن فيه من الغاية التي ينتهي إليها والنهاية التي يعول عليها، ولقد كان إذا قرىء في مجلسه آيات من القرآن العظيم يشرع في تفسيرها


١ وأعمل الآن على كتاب أجمع فيه كلام شيخ الإسلام على بعض الأحاديث التي تكلم عليها ووسمته بـ"الأحاديث والآثار التي تكلم عليها شيخ الإسلام تصحيحاً وتضعيفاً"- يسّر الله إتمامه على خير.

<<  <  ج: ص:  >  >>