قال: وحدثني الشيخ الصالح المقري أحمد، قال: لما قدمت دمشق لم يكن معي شيء من النفقة، البتة، وأنا لا أعرف أحداً من أهلها، فجعلت أمشي في زقاق كالحاير وإذا الشيخ أقبل نحوي مسرعاً فسلم وهش في وجهي ووضع في يدي صرة فيها دراهم وقال: أنفق هذه الآن واخل خاطرك مما أنت فيه فإن الله لا يضيعك، ثم انصرف فسألت من هذا فقيل ابن تيمية، وله مدة ما اجتاز بهذا الدرب، وكان جل قصدي من سفري إلى دمشق لقاءه، فتحققت أن الله أظهره عليّ وعلى حالي، فما احتجت بعدها إلى أحد مدة إقامتي بدمشق، بل فتح الله عليّ من حيث لا أحتسب.
وقال: وحدثني الشيخ العالم المقري تقي الدين عبد الله قال: لما سافرت إلى مصر- حين كان الشيخ مقيماً بها- فقدمتها ليلاً وأنا مريض مثقل، فأنزلت في بعض الأمكنة فلم ألبث أن سمحت من يناديني باسمي وكنيتي فأجبته وأنا ضعيف، فدخل إليَّ جماعة من أصحاب الشيخ فقلت: كيف عرفتم بقدومي هذه الساعة، قالوا: أخبرنا الشيخ أنك قدمت وأنت مريض فأمرنا أن نسرع بنقلك، وما رأينا أحداً جاءه ولا أخبره بشيء، قال: ومرضت بدمشق فلم أشعر إلا والشيخ عند رأسي وأنا مثقل بالحمى والمرض، فدعا لي وقال جاءت العافية، ومشيت من وقتي.
وقال الشيخ عماد الدين المقري المطرز: قدمت على الشيخ ومعي حينئذ نفقة فسلمت عليه فرد علي ورحب بي وأدناني ولم يسألني هل معك نفقة أم لا، فلما كان بعد أيام وقد نفدت نفقتي أردت أن أخرج من مجلسه بعد أن صليت مع الناس وراءه، فمنعني وأجلسني دونهم، فلما خلا دفع إليَّ جملة دراهم، وقال أنت الآن بغير نفقة فعجبت من ذلك.
ولما نزل المغول بالشام لأخذ دمشق رجف أهلها، وجاء إليه جماعة منهم وسألوه الدعاء للمسلمين، فتوجه إلى الله، ثم قال: أبشروا فإن الله يأتيكم بالنصر في اليوم الفلاني بعد ثالثة ترون الرؤوس معبأة بعضها فوق بعض، قال الذي